{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [(٣٢) سورة الأحزاب] دل على أن أصل القول لا بأس به، وإنما الممنوع الخضوع فيه، وعلى كل حال مثل هذا لا سيما مع وجود من في قلبه مرض وما أكثرهم لا كثرهم الله، كثيرون جداً ممن يتربصون بالنساء الدوائر، وفي قلوبهم من أمراض الشهوات والشبهات ما يجعلهم يكثرون الطرق على هذا الباب، دعونا من عالم مخلص ناصح يبحث المسألة من أدلتها ليتوصل إلى الحق هذا مجتهد، إن أصاب له أجران، وإن أخطأ له أجر واحد، لكن من أراد أن يخرج المرأة من خدرها لمرض في قلبه، أو أراد أن يسمع صوتها، أو أراد أن تغشى أماكن الرجال لمرض في نفسه، ليخشى من قوله -عليه الصلاة والسلام- بعد أن أمر بالحجاب {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} [(٥٩) سورة الأحزاب] قال: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ} [(٦٠) سورة الأحزاب] فإتباع هذه الآية بالآية الأولى ليس من طريق البعث، أما العالم المخلص الناصح التي توفرت عنده أدوات الاجتهاد ويجتهد في النصوص ويتوصل إلى رأي سواءً كان راجح أو مرجوح هذا لا يلام، مع أن على من يبحث مثل هذه المسائل أن يحذر أشد الحذر أن يؤخذ على غرة، ويحتاط لهذا الأمر؛ لأن أطراف متعددة تريد أن تبحث مثل هذه المسائل والذي عندها الله أعلم به، لكن الذي يغلب على الظن أنهم ليسوا بأهل أن يبحثوا مثل هذه المسائل؛ لأنه ولغ في مثل هذا أناس لا خلاق لهم، ولا مدخل لهم في مثل هذا، ولا مجال لهم في مثل هذه المسائل والبحوث، إنما هم لهم مآرب ولهم مقاصد، والله المطلع على السرائر.
يعني لماذا ما بحثوا غير هذه المسألة؟ يعني الذي يبحث في الصحف ووسائل الإعلام مسألة عورة المرأة، ووجه المرأة، وصوت المرأة هل يمكن أن يبحث شروط الصلاة وإلا أصناف من تصرف لهم الزكاة يبحث مثل هذه المسائل؟ ما يبحث مثل هذه المسائل، ولو طلب منه مثل هذا قال: أنا لست من أهل العلم، نعم، ثم إذا جاء الحجاب انبرى له وصار إمام يفتي ويعدل ويجرح ويصنع، فمثل هذا يتقون، ومثل هذه الظروف تبرز بعض من كان يختفي ويندس بين الناس، فالظروف الصعبة ينجم فيها النفاق، والله المستعان.