حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن المقداد بن الأسود دخل على علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- بالسقيا وهو ينجع بكرات له دقيقاً وخبطاً، فقال: هذا عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- ينهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة فخرج علي بن أبي طالب وعلى يديه أثر الدقيق والخبط، فما أنسى أثر الدقيق والخبط على ذراعيه حتى دخل على عثمان بن عفان، فقال: أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ فقال عثمان: ذلك رأيي فخرج علي مغضباً، وهو يقول: لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معاً".
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أن من قرن الحج والعمرة لم يأخذ من شعره شيئاً ولم يحلل من شيء حتى ينحر هدياً إن كان معه ويحل بمنى يوم النحر.
وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع خرج إلى الحج، فمن أصحابه من أهل بحج، ومنهم من جمع الحج والعمرة، ومنهم من أهل بعمرة فقط، فأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلل، وأما من كان أهل بعمرة فحلوا.
وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقولون: من أهل بعمرة ثم بدا له أن يهل بالحج معها فذلك له ما لم يطف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقد صنع ذلك ابن عمر -رضي الله عنهما- حين قال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم التفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني أوجبت الحج مع العمرة.
قال مالك -رحمه الله-: وقد أهل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع بالعمرة، ثم قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: القران في الحج" المراد بالقران الجمع بين النسكين في أفعالهما كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-،