للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نأتي إلى حديث عروة عن خالته عائشة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر، يعني تظهر تعلو، وتصير على ظهر الحجرة، كما في قوله -جل وعلا-: {فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ} [(٩٧) سورة الكهف] يعني يعلو ويصعدوا فوقه، الحجرة: كل ما أحاط به حائط واحتجر فهو حجرة وحجيرة، حجرة عائشة -رضي الله عنها- أولاً: الجدار بقدر القامة والمساحة صغيرة، على عادتهم في التقلل من الدنيا، يعني من تأمل عيش النبي -عليه الصلاة والسلام- عرف أنه في وادٍ ونحن في واد، إلى وقت قريب والناس لم تكن الدنيا عندهم مقصد ولا هدف، بل هي ممر، ومثل المسلم فيها كمثل قائل قال تحت ظل شجرة، ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) كان ابن عمر -رضي الله عنه- يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح"، ولا أضر على المسلم من طول الأمل والتسويف الذي يعوقه عن المبادرة والمسارعة والمسابقة لكن لو صار الإنسان كأنه غريب تقلل من الدنيا بقدر الإمكان، وشمر للآخرة، وسعى فيما يرضي الله -جل وعلا-، هذا واقعهم، هذا عيشهم، بالنسبة للمسكن كما سمعتم، السقف بقدر القامة، والعرض بقدر ما يمد الإنسان رجليه إذا نام، كان الناس .. ، كانت العوائل أدركناهم حتى في الرياض عائلة كبيرة تسكن في بيت مساحته ستين متر وما زالت هذه البيوت قائمة الآن، بسطت الدنيا فتوسع الناس وخرجوا إلى القصور وصاروا يعمرون أربعمائة متر، خمسمائة متر، ثم بعد ذلك زاد الشره والاستشراف للدنيا، كان صاحب الخمسمائة والستمائة يقول: هذا قبر، أنا أعرف أسرة تسكن في بيت واحد لما توفي والده خرجوا إلى ثلاثة وعشرين بيت، نعم ثلاثة وعشرين بيت، كانوا يسكنون في بيت واحد، لا شك أن أمور الدنيا نعمة، لكن إن استغلت فيما يرضي الله -جل وعلا- فهذا شكرها، وإلا جاء في الصحيح في بيان عيشه -عليه الصلاة والسلام- أنه يرى الهلال ثم الهلال ثم الهلال وما أوقد في بيوته -عليه الصلاة والسلام- نار، ولذا كان ابن عمر يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" فلسان حالنا ماذا يقول؟ نعم، إذا تغديت لا تنتظر العشاء، كل أكل شخص ما هو بمدرك