للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث بسرة في نقض الوضوء من مس الذكر صححه جمع من أهل العلم، صححه أحمد وابن معين والترمذي والحاكم والدارقطني والبيهقي، وجمع من أهل العلم صححوه، وطعن فيه بعضهم بسبب مروان؛ لأنه هو قاتل طلحة، لكن قال عروة الراوي عنه: أنه لا يتهم في الحديث، وعلى كل حال الخلاف في المسألة بسبب ما ورد فيها هنا في حديث بسرة فيه الوضوء ((إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ)).

وفي حديث طلق بن علي سئل عن مس الذكر، فقال: ((إنما هو بضعة منك)) يعني كما لو مسست رأسك أو رجلك أو صدرك أو ظهرك فهو جزء منك، ولذا اختلف أهل العلم في ترجيح أحد الحديثين على الآخر، والأكثر على أن حديث بسرة أرجح من حديث طلق بن علي؛ لأن له شواهد من حديث أم حبيبة وأبي هريرة وغيرهما.

وقال بمقتضاه أعني حديث بسرة الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، ورأوه ناسخاً لحديث طلق بن علي؛ لأنه متأخر عنه، بسرة أسلمت عام الفتح، وطلق بن علي قدم على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يبني المسجد، يعني في أول الهجرة، فحديث بسرة ناسخ، هذا قول الأئمة الثلاثة.

والإمام أبو حنيفة يرى أن مس الفرج أو الذكر لا ينقض الوضوء مطلقاً؛ لحديث طلق بن علي، منهم من يرى أن حديث طلق بن علي صارف لحديث بسرة، حديث بسرة ((إذا مس أحكم ذكره فليتوضأ)) وفي رواية ((من مس ذكره فليتوضأ)) الأمر الأصل فيه الوجوب، وحديث طلق ((إنما هو بضعة منك)) صارف لهذا الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب، وكأن شيخ الإسلام يميل إلى هذا -رحمه الله-.

فحديث بسرة أرجح من حيث الصناعة، وهو متأخر أيضاً، فإذا أردنا الترجيح، فحديث بسرة أرجح، والعمل بالآخر من قوله -عليه الصلاة والسلام-، وحديث بسرة متأخر على حديث طلق، لكن المقرر عند أهل العلم أنه إذا أمكن الجمع بين النصوص تعين على القول بالترجيح، قدم عليه، وقدم على القول بالنسخ؛ لأنه إذا أمكن الجمع فمعناه أننا نعمل بالنصين معاً، وأما الترجيح فهو عمل بأحد النصين، ومثله النسخ هو إهدار للنص الآخر.