قال مالك -رحمه الله-: فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو كما أحصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فأما من أحصر بغير عدو فإنه لا يحل دون البيت.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في من أحصر بعدو" الحصر والإحصار هو المنع عن المضي في ما دخل فيه من نسك ومنع إتمامه، يقال: حصره العدو وأحصره إذا حبسه ومنعه وصده حصره العدو والمرض أيضاً منعه، وعلى كل حال الأصل في الحصر المنع {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [(٣٩) سورة آل عمران] أي ممنوعاً أو مانعاً نفسه، على الخلاف في هل هو ممتنع بنفسه عن النساء أو ممنوع عن النساء؟ المقصود أن الحصر هو المنع.
قال:"حدثني يحيى عن مالك قال: من حبس بعدو" حبس وحصر بعدو حال بينه وبين البيت "فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه" يعني ولو لم يشترط: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ولو لم يشترط إذا وجد ما يحول بينه وبين الباب فإنه يتحلل، وسبق أن ذكرنا فيمن أحصر بعد فساد حجه أنه يتحلل ولا يلزمه المضي في فاسده؛ لأنه محصور ممنوع "فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس" يعني في أي موضع كان، داخل الحرم أو دونه قبل الحرم، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية فلا يلزمه أن يبعث بهديه إلى الحرم، ويبقى محرماً إلى أن يبلغ الهدي محله، إنما ينحر هديه ويحلق رأسه حيث حبس في المكان الذي حبس فيه "وليس عليه قضاء" لما أحصر عنه، عندنا الحصر والمنع بالعدو يترتب عليه أمور أشار إليها الإمام -رحمه الله تعالى-: النحر -نحر الهدي-، وحلق الرأس، والقضاء، الإمام يرى أنه ليس عليه قضاء.