"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يسعى الأشواط الثلاثة يقول: "اللهم لا إله إلا أنتا وأنت تحيي بعد ما أمتا" يعني يسعى يرمل وإلا فالسعي أشد، السعي أشد من مجرد الرمل، لكن يستعار هذا لهذا وهذا لهذا، ولذا يقولون: طاف بين الصفا والمروة، وسعى حول البيت، وهنا يقول: يسعى الأشواط الثلاثة وإلا فالأصل أن الطواف مع الرمل بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة بين العلمين.
"وكان يقول: اللهم لا إله إلا أنتا، وأنت تحيي بعد ما أمتا" وهذا شعر، فهل يقول الطائف شيء من الشعر؟ هذا فعل صحابي عن أباه عروة بن الزبير تابعي، فهو مقطوع، وهذا اجتهاد منه، وإن اقتصر على ما ورد من الأدعية لا سيما المرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو جاءت من أدعية الكتاب أو السنة، أو الأدعية المطلقة التي لا محظور فيها كان أولى.
"يقول: اللهم لا إله إلا أنتا، وأنت تحيي بعد ما أمتا، يخفض صوته بذلك" لئلا يظن أنه مرفوع فيتعبد به، فمثل هذه الاجتهادات التي يجتهدها بعض الناس، ويخشى من اقتداء غيره به مثل هذا يخفيه لئلا يتعبد بغير مشروع.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه رأى عبد الله بن الزبير أحرم بعمرة من التنعيم قال: ثم رأيته يسعى حول البيت الأشواط الثلاثة" مثل ما في الخبر الذي قبله.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى" لأنه ما قدم فلا يطوف للقدوم، إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت إلا إذا رجع، حتى يرجع من منى، يعني بعد رمي جمرة العقبة؛ لأنه لم يقدم، والطواف للقدوم إنما يشرع للقادم، والسعي إنما يصح بعد طواف مشروع، وهذا لم يشرع فيه الطواف إذاً لا يسعى بعده "كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى" يعني بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر "وكان لا يرمل إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة" لأن الرمل مرتبط بأول طواف يطوفه إذا قدم، وهو لم يقدم فلا يشرع في حقه.