حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أخبرني سليمان بن يسار: أن أبا أيوب الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- خرج حاجاً حتى إذا كان بالنازية من طريق مكة؛ أضل رواحله, وإنه قدم على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يوم النحر فذكر ذلك له, فقال عمر: اصنع كما يصنع المعتمر ثم قد حللت, فإذا أدركك الحج قابلاً؛ فاحجج واهدي ما استيسر من الهدي.
وحدثني عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هبَّار بن الأسود جاء يوم النحر, وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ينحر هديه, فقال: يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة؛ كنا نُرى أن هذا اليوم يوم عرفة, فقال عمر -رضي الله عنه-: اذهب إلى مكة فطف أنت، ومن معك، وانحروا هدياً؛ إن كان معكم, ثم احلقوا أو قصروا, وارجعوا فإذا كان عام قابل, فحجوا وأهدوا, {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رجعتم} [(١٩٦) سورة البقرة].
قال مالك: ومن قرن الحج والعمرة، ثم فاته الحج؛ فعليه أن يحج قابلاً، ويقرن بين الحج والعمرة, ويُهدي هديين؛ هدياً لقرانه الحج مع العمرة, وهدياً لما فاته من الحج.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب هدي من فاته الحج" لإحصار تقدم الكلام فيه, وهذا في الفوات؛ فيمن فاته الحج من غير أمر خارج يحصره عنه؛ لا يوجد عدو، ولا يوجد مرض, إنما تأخر حتى فاته الوقوف بعرفة؛ إما أن يكون ضل الطريق, أو أخطأ في الحساب, فمثل هذا حكمه في هذا الباب.