فيقول بعد هذا:"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اغتسل" هل نقول: إذا أراد، أو إذا فرغ، أو إذا شرع؟ شرع اغتسل، يعني شرع بالغسل من الجنابة، يعني بسبب الجنابة فـ (من) سببية "بدأ بغسل يديه" بدأ بغسل يديه ثم بعد ذلكم يغسل فرجه، كما عند مسلم والترمذي والشافعي وغيرهم "ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة" مخرج للوضوء اللغوي "ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها" أي بالأصابع "أصول شعر رأسه" والتخليل مستحب، ولا يجب اتفاقاً "ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات" ففيه استحباب التثليث في الغسل، قال النووي: ولا نعلم فيه خلافاً، يعني التثليث، يعني كونه يفرغ على رأسه ثلاثاً، يغسل شقه الأيمن ثلاثاً، والأيسر كذلك، مستحب، فيقول النووي: لا نعلم فيه خلافاً إلا ما تفرد به الماوردي، فقال: لا يستحب التكرار في الغسل، يعني يعمم البدن بدون تكرار "بيديه، ثم يفيض" يعني يُسيل الماء على جلده كله، استدل بهذا من لا يشترط الدلك "يفيض" يعني يُسيل "الماء على جلده" فيستدل بهذا الجمهور على أن الدلك لا يدخل في مسمى الغَسل ولا الغُسل، المالكية يقولون: الدلك من مسمى الغسل، بينما الجمهور لا يقولون: الدلك، يعني لا يقولون بلزومه ولا أشتراطه لصحة الغسل، ومثله الوضوء، واللغة فيها ما يدل على ذلك، يقال: غسله العرق، غسله المطر يعني إذا وصل إلى بدنه، ولو لم يحصل معه دلك.
يقول ابن عبد البر: هذا أحسن حديث روي في ذلك، يعني الغسل، يعني حديث عائشة -رضي الله عنها-.
ثم قال:"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يغتسل من إناء هو الفرق من الجنابة" يعني بسببها، الفرق قال ابن التين: بتسكين الراء، يكون إيش؟ الفرْق، ورويناه بفتحها، وجوز بعضهم الأمرين، قال النووي: الفتح أفصح وأشهر، وزعم الباجي أنه الصواب، يعني الفتح.