للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وألا ننازع الأمر وأهله" الأمر لأهله ما دام ثبتت البيعة لزيد من الناس لا يجوز الخروج عليه، ولا يجوز عصيانه إلا إذا أمر بمعصية من جهة الخروج عليه معلق بالكفر البواح، أو ترك الصلاة ((لا ما صلوا)) ((لا ما لم تروا كفراً بواحاً)) ومع ذلك يشترط أهل العلم القدرة، أما إذا لم توجد القدرة فلا يجوز الخروج، ولو وجد الكفر البواح، وترك الصلاة؛ لأنه يترتب على ذلك من المفاسد وإراقة الدماء ما هو أعظم من الصبر على هذا الرجل، على هذا الوالي، وإن كان كافراً كفراً بواحاً، أو لا يصلي، فأهل العلم يشترطون ذلك، ومع ذلك يقول عبادة: "وأن نقول أو نقوم بالحق حيث ما كنا" الطاعة في العسر واليسر والمنشط المكره لا تنافي النصيحة، لا شك أن الولاة كغيرهم من الناس ليسوا بمعصومين، يقع منهم ما يقع، وقد يقع منهم أكثر من غيرهم، باعتبار أنهم مكنهم الله من كثير من الأمور التي تيسر ما لا يتيسر لغيرهم، ومع ذلك يبقون بالنسبة لوجوب الطاعة تجب الطاعة ولو حصل منهم ما حصل، ولو حصل الظلم، ولو حصل الجور، ولا ينازعون الأمر بحال من الأحوال إلا بما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولكن النصيحة واجبة ((الدين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) فبذل النصيحة لولي الأمر من أهم المهمات، بل من أوجب الواجبات، وينص أهل العلم في شرح حديث النصحية أنه من الغش لولي الأمر أن يغر بالثناء الكاذب، فلا يثنى عليه بما لم يفعل، ولا يغمط ما يفعل؛ لأن الناس في هذا الباب على طرفي نقيض، إما أن يبالغ في المدح، وهذا في الغالب الذي يبالغ في المدح بما ليس فيه أن هذا قصده شيء من أمور الدنيا، ولا يلبس ولا يشنع ولا يشهر بشيء لم يحصل، أو يضخم الشيء اليسير يجعله كبيراً على أن تكون النصيحة كما هو الأصل سراً بينه وبينه، فهي أجدى لأن النصيحة وإن كان نصيحة علنية فهي من باب الأمر والنهي، من باب التغيير، من باب الإنكار يشترطون أن لا يترتب عليها من المفسدة ما هو أعظم منها، فهذه أمور ملاحظة ومرعية عند أهل العلم.