" ((أشهد عليهم)) فقال أبو بكر الصديق: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم؟ " يعني إحنا مثلهم ما تشهد علينا؟ هو شهد له بالجنة "أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بلى، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي)) " وهو بهذا الكلام يخاطب العموم، وفي حديث الحوض يوجد ممن عاش معه -عليه الصلاة والسلام- من ارتد، وأمور الردة معروفة، ويذادون عن الحوض، ويقال له -عليه الصلاة والسلام-: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، وليس في هذا مستمسك لمن يكفر جماهير الصحابة، ويكفر أبا بكر وعمر ويحكم عليهم بالكفر هذا ليس ... ، النبي -عليه الصلاة والسلام- شهد لهؤلاء الجلة بالجنة، فهناك من شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام- على وجه الخصوص، وهناك من شهدت لهم النصوص بالعموم.
" ((ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي)) فبكى أبو بكر، ثم بكى، ثم قال: "أئنا لكائنون بعدك؟ " بكى من كونه يخلف بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويود أن يكون مات قبل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالساً وقبر يحفر بالمدينة، فاطلع رجل في القبر" يعني زيارة القبور والنظر فيها والتأمل والاعتبار والادكار هذه من السنن المشروعة، بل جاء الأمر بها، ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها فإنها تذكر الآخرة)) {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [(١ - ٢) سورة التكاثر].
قال: "فاطلع رجل" يعني نظر في داخل القبر "فقال: بئس مضجع المؤمن" يعني بدلاً من الفراش الوثير، والغطاء الملائم المريح يأتي إلى هذا! هو من منظور الدنيا، يعني لو أن الإنسان بدلاً من أن ينام على فراش ينام على الأرض بدون فراش، يقال لهذا: نعم المريح، وذاك يقال له: بئس، فهذا نظر إليه من هذه الحيثية، من هذه النظرة، أن هذا منام ليس بمريح "فقال: بئس مضجع المؤمن" وما يدريه أن منهم ممن يدفن في هذه القبور يكون عليه هذا القبر روضة من رياض الجنة، ويمد له مد البصر، ويفتح له باب إلى الجنة، وينعم في قبره، ومنهم العكس من يعذب ويضيق عليه.