للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "حدثني مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الأيم أحق بنفسها من وليها)) " الأيم: هي الثيب، والأصل فيه من لا زوج له من ذكر أو أنثى، بكراً أو ثيباً، هذا الأصل لكنه في الحديث وفي العرف ينصرف إلى الثيب، الثيب ((أحق بنفسها من وليها)) الكلمة الأولى والأخيرة لها، إذا خطبت من وليها، الخطبة لا تكون منها، إنما الخطبة من وليها، فهو الذي يتولى أمرها، لكن القبول والرد بيدها، الأب له أن يشير عليها، وله أن يوضح لها ما في الخاطب من محاسن، أو من مساوئ، ثم بعد ذلك تقرر، فهي أحق بنفسها من وليها، لكن إذا لم يبق إلا الإيجاب والقبول فهو للولي لا لها، كما هو معروف، وهو قول جماهير أهل العلم، ولا نكاح إلا بولي.

((الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها)) أحق: أفعل تفضيل، فهي أولى من وليها، لكن هل هذا ينفي أن للولي حقاً في موليته ولو كانت أيماً؟ نعم؟ أفعل التفضيل ويش يقتضي؟ عندنا أيم، وعندنا ولي، الأيم أحق من الولي، أفعل التفضيل يقتضي أن هناك شيئين اشتركا في وصف فاق أحدهما الآخر في هذا الوصف، فالأيم لها حق والولي له حق، إلا أن حق الأيم أعظم، فهي أحق بنفسها، والولي يبقى له حق، لكنه مفضول، لا يعني أن الولي وجوده مثل عدمه، أو أن الأب والأخ والعم وغيره من الأولياء كسائر الناس، لا، له حق، لكنها هي أحق بهذا الحق.

((الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها)) يعني الأمر للمرأة، سواءً كانت أيماً أو بكراً، والفرق بينهما أن الأيم تملك من الأمر قل: تسعين بالمائة؛ لأنها أحق من وليها، والبكر أيضاً تملك إذا استأذنت الرفض، وإذا قبلت تسكت، ((وإذنها صماتها)) فحقها في هذا الأمر أقل من حق الثيب، وإن كانت الرد والقبول النهائي من المرأة سواءً كانت بكراً أو أيماً، والوالد له أن يبين المحاسن، وله أن يضغط ضغطاً لا يجعله يلغي حرية اختيارها، لكن إذا رأى المصلحة راجحة عليه أن يبين المحاسن، ويكرر القول، ويقنع البنت بالأسلوب المناسب، لكن ليس له أن يلغي حريتها.