للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوجد في بعض البلدان أناس وفدوا على هذا البلد من غير أهله، ويكون الولي في بلده، وهو بعيد لا يمكن مكاتبته، ولا يمكن الذهاب إليه، ولا يمكن إتيانه، فتجدهم يتساهلون في مثل هذا تساهل كثير، يعني يوجد من الوافدين من يتساهل في هذا الباب، فالأم تقول: أنا الولي، ومعي ولاية، وعندي ولاية من بلدنا، وتجد ... ، المرأة لا تتولى على نفسها فضلاً عن أن تتولى عن غيرها، أو تقول: هذا أخوها أو عمها، ثم يتبين أنه لا تمت له بصلة، أو يتصل على شخص في بلدها فيقول: هذا أبوها، فيقول: أنكحتك، كل هذا تساهل غير مرضي، ولا يجوز ألبتة، فإذا لم يحضر الولي يرسل، ينيب من يعقد عنه، ويرسل وكالة شرعية معتبرة بالشهود الثقات الأثبات، وما عدا ذلك فلا.

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله" من الفقهاء السبعة، فقهاء المدينة، "كانا ينكحان بناتهما الأبكار ولا يستأمرانهن" أما البنت الصغيرة التي لم تكلف، لم تبلغ سن المحيض، لم تحض، هذه لأبيها فقط أن يجبرها، وليس ذلك لغيره من الأولياء، ولا إذن لها، ولا أمر لها، النبي -عليه الصلاة والسلام- عقد على عائشة وعمرها ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع، فهل يتصور عن بنت ست سنين تملك الإذن، وتعرف مصلحتها لتقبل أو ترفض؟ لا، فغير المكلفة يزوجها أبوها فقط؛ لأنه أعرف بمصلحتها، وألطف بها، وأرأف بها من نفسها ومن غيرها، فلا يتصور فيه أن يغشها، أما إذا بلغت سن المحيض فهذه لا سلطان لأحد عليها، أمرها بيدها، عن طريق وليها، وهنا يقول: "بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله كانا ينكحان بناتهما الأبكار ولا يستأمرانهن".

"قال مالك: وذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار" يعني عند المالكية البكر لا رأي لها، يجبرها أبوها، وهو المعروف عند الحنابلة أيضاً.

ومنهم من يصححه نكاح الصغيرة، منهم من يصححه موقوفاً، بمعنى أنها إذا بلغت اختارت، ولا شك أن ما يذهب إليه الإمام مالك وهو مذهب الحنابلة من أن البكر تجبر مخالف للنصوص الصحيحة الصريحة، فلا إجبار بعد التكليف، ولا يجبر قبل التكليف إلا الأب.