"ما أحب أن أخبرهما جميعاً" يعني ما أحب أن أطأهما جميعاً، فالخبرة الباطنة التي لا تحصل لكل أحد، إنما تحصل للزوج فقط، أو السيد فقط، لا يحب أن يجمع بين ما حرم الله عليه الجمع بينهما، والخبرة والمخابرة تطلق على الحرث، والنساء حرث.
"ونهى عن ذلك" ولا شك أن الدليل ليس بقطعي، دلالة النصوص على مثل هذا ليست قطعية، {إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(٢٤) سورة النساء] عمومه يشمل الجميع، لكن يبقى أن الأصل في الفروج المنع والاحتياط، فإذا كان الدليل محتملاً فالمنع هو المتجه.
ثم قال:"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلاً سأل عثمان -رضي الله عنه- عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية"{إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(٢٤) سورة النساء] يعني عموم هذا الاستثناء يتناول الأختين، ويتناول الربيبة مع الأم، والعكس، والبنت والمرأة مع عمتها، وخالتها، يتناول جميع الممنوعات بالنسبة للأحرار.
"أحلتهما آية، وحرمتهما آية"{وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [(٢٣) سورة النساء] "فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك" لورعه لم يفتِ بالتحريم، ولورعه أيضاً لا يرى الجمع ورعاً منه، ولا يفتي بالتحريم، وهذا في باب الاحتياط ظاهر، لكن يبقى أن الفروج الأصل فيها المنع والاحتياط، فلا يقدم إلا على ما أبيح، ما كانت إباحته ظاهرة لا خفاء فيها.
قال:"فخرج من عنده فلقي رجلاً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحداً فعل ذلك لجعلته نكالاً" يعني لعزرته تعزيراً بالغاً، يمتنع هو ومن يعلم بخبره عن مثل هذا الفعل، ويكون هذا من باب التعزير؛ لأن الدليل ليس بصريح، فيعزر على هذا.
"قال ابن شهاب أراه علي بن أبي طالب" يعني أظن هذا الصحابي الذي سأله ذلك الرجل هو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
قال:"وحدثني عن مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام مثل ذلك" يعني مثلما قال علي -رضي الله تعالى عنه-، وأن من فعل ذلك يستحق التعزير.