للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وأن عمر بن الخطاب عرس ببعض الطريق" التعريس نزول آخر الليل للاستراحة "عرس ببعض الطريق قريباً من بعض المياه" رفقاً بالركب "فاحتلم عمر -رضي الله عنه-" قد كاد أن يصبح "فلم يجد مع الركب ماء يغتسل به" ويرفع به حدثه، ويغسل ثوبه "فركب حتى جاء الماء الذي عرس بقربه، فجعل يغسل ما رأى من ذلك الاحتلام حتى أسفر" يعني دخل في الإسفار "فقال له عمرو بن العاص أصبحت" دخلت في الصباح وهو الإسفار الذي سبق "أصبحت ومعنا ثياب، فدع ثوبك يغسل" يعني على مهل، ولا تؤخر الصلاة من أجل ثوبك؛ لندرك أول الوقت، يعني خذ ثوب من أي واحد "معنا ثياب، فدع ثوبك يغسل" يعني كاملاً، والبس ثوباً من ثيابنا "فقال عمر -رضي الله عنه-: واعجباً لك يا عمرو بنَ" يا عمرو بنَ، عمر منادى مفرد مبني على الضم، في محل نصب، وابن تابع لعمر، يعني لمحله لا للفظه؛ لأن الأصل في المنادى أنه منصوب، لكنه يبنى إذا كان مفرداً.

"يا عمرو بن العاص، لئن كنت تجد ثياباً أفكل الناس تجد ثياباً، ثم قال: والله لو فعلتها لكانت سنة" لو فعلتها رميت هذا الثوب، واستعرت ثوباًَ آخر، أو لبست ثوباً من ثيابي، غير هذا الذي احتلمت فيه، لكانت سنة، لماذا؟ تكون طريقة تتبع؛ لأن عمر -رضي الله عنه- أمرت الأمة باتباع سنته، فكان كل من يحتلم يرمي هذا الثوب، ويلبس غيره، سواء كان له أو بالإعارة، فلا شك أن هذا يشق على الناس، الذي لا يجد إلا ثوب واحد، وعمر استعار يروح يطرق على الجيران يبحث عن ثوب ثاني؛ لأن عمر استعار، وأنت مأمور بإتباع سنة عمر ((عليكم بسنتي وسنت الخلاف الراشدين المهديين من بعدي)) ((اقتدوا بالذين من بعدي)) وهو أحدهم وهذا سوف يشق على الناس "لكانت سنة، بل أغسل ما رأيت، وأنضح ما لم أر" أي أرشه دفعاً للوسوسة، واكتفاءً بالنضح فيما يشك فيه.