"فقالوا: بلى يا رسول الله، ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هو عليها صدقة، وهو لنا هدية)) " معنى أن الفقير إذا ملك الصدقة يتصرف فيها كيفما شاء، يملكها ملكاً تاماً مستقراً يهدي منها، لماذا لا يقال: إن الفقير لا يجوز له أن يأخذ من الصدقة أكثر من حاجته؟ لأنه إذا أخذ أكثر من حاجته فما يحتاجه حكمه الصدقة، وما زاد على حاجته حكمه حكم الأغنياء، واضح وإلا ما هو بواضح؟ يعني هل للفقير الذي يأخذ الصدقة أن يتصدق؟ ومن باب الاستطراد هل للمدين أن يتصدق؟ يعني ما جرت العادة بالتعافي فيه بين الناس، يعني يأخذ الزكوات ما يكفيه لمدة سنة، يأخذ ألوف، وإذا وجد فقير أعطاه ريال، أو ريالين أو خمسة، هذه ما تضر، ما تؤثر، كما أن المدين له أن يتصدق بهذا الحدود فيما لا يؤثر على الديون، كما قرر ذلك شيخ الإسلام -رحمه الله-.
((هو عليها صدقة، ولنا هدية)) شخص أصهاره فقراء فيعطيهم من زكاته، فإذا ذهب أولاده إلى أهليهم زوجته وأولادها يأكلون أو يمتنعون؟ يأكلون، هو للفقراء صدقة، ولهؤلاء هدية، ما لم يكن ذلك حيلة؛ لأنه ممكن أن يعطيهم مصروف كامل من زكاته، يعطيهم خمسة آلاف شهرياً أصهاره، ثم بعد ذلك يقول: أنا ما علي منكم، يقول لزوجته وأولاده: يا الله اذهبوا إلى أهليكم، كل يوم تغدوا وتعشوا عندهم، بهذا يقي ماله بهذه الصدقة، وإلا كونهم يعطيهم من غير استصحاب لهذا، ومن غير اعتبار له في نفسه، ثم إذا ذهبوا وأكلوا حسب ما اتفق هذا لا يضر، هو عليهم صدقة، وله هدية، وهذا يحصل كثير، يكون الأصهار فقراء، إما أن يدفع لهم من زكاته أو من زكاة غيره، يتسبب لهم، ثم بعد ذلك أولاده يذهبون إلى هؤلاء الذين يأكلون من الصدقات، هل نقول: إن أولاد هذا الغني يأكلون صدقة، أو أن هذا تحايل لإسقاط زكاته، أو إسقاط النفقة عنه؟ الأمور بمقاصدها، فإن قصد ذلك منع، وإن لم يقصد جاز، نعم؟