تأمل في كلام مالك:"وسئل مالك عن رجل جنب وضع له ماء يغتسل به فوضع أصبعه" يتأكد هل هو حار أو بارد؟ قوله:"فسها" هل له مفهوم؟ أنه إذا كان عن علم وتيقظ أن له أثر على الماء، ينجس الماء؟ إذاً قوله: فسها لا مفهوم له "فسها فأدخل أصبعه فيه ليعرف حر لماء من برده" معناه أنه لو كان ذاكر متيقظ أنه يؤثر فيه "قال مالك: إن لم يكن أصاب أصبعه أذىً" يعني نجاسة "فلا أرى ذلك ينجس عليه الماء، بل هو طهور باتفاق، وإن أصابه أذىً والماء كثير ولم يتغير فكذلك" باتفاق طهور، وإن قل الماء ولم يتغير فكذلك عند مالك.
الماء الذي يضع فيه أصبعه من غير أذى يتأثر وإلا ما يتأثر؟ قلنا: إن بدن الجنب والحائض طاهر فلا أثر له في الماء، هو طهور باتفاق، لكن إن أصاب أصبعه نجاسة قذر فادخلها في الإناء، وهو كثير أكثر من قلتين نعم طهور باتفاق، وإن كان قليلاً أقل من القلتين ولم يتغير طهور عند مالك، خلافاً لغيره من الأئمة، فالأئمة يرون أن ما وقع فيه نجاسة وهو قليل وكل على مذهبه في الحد بين القليل والكثير يتأثر ولو لم يتغير، ورأي مالك هو المرجح في هذه المسألة، ويختاره شيخ الإسلام وغيره.
يقول: ما حكم مس المصحف للمحدث حدثاً أصغر؟
لا يجوز للمحدث أن يمس المصحف من غير حائل، لكن إذا مسه بحائل لا بأس حينئذٍ.
يقول: ما حكم مس الحائض للمصحف بحائل؟
لا بأس، بحائل لا بأس.
وما حكم قراءتها له عن ظهر قلب؟
المشايخ يفتون أنه عند الحاجة لا بأس به، والمرجح عندي أنها لا تقرأ شيئاً من القرآن، لا تقرأ القرآن، نعم ابن دقيق العيد عنده استنباط دقيق، من حديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ القرآن ورأسه في حجر عائشة وهي حائض، يقرأ القرآن، تقول: يقرأ القرآن ورأسه في حجري، وأنا حائض، ويش يستفاد منه؟ نعم؟ يعني لو كانت الحائض تقرأ القرآن هل يشكل على أحد أنه يجوز أن يقرأ غيرها القرآن ورأسه في حجرها؟ استنباط في غاية الدقة، نعم؟