للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش انقطع عقد لي، فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، قالت عائشة: فجاء أبو بكر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واضع رأسه على فخذي، قد نام، فقال: حبستِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، فقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فخذي، فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله -تبارك وتعالى- آية التيمم {فَتَيَمَّمُواْ} [(٤٣) سورة النساء] فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركاتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته.

وسئل مالك عن رجل تيمم لصلاة حضرت ثم حضرت صلاة أخرى أيتيمم لها أم يكفيه تيممه ذلك؟ فقال: بل يتيمم لكل صلاة؛ لأن عليه أن يبتغي الماء لكل صلاة، فمن ابتغى الماء فلم يجده فإنه يتيمم.

وسئل مالك -رحمه الله تعالى- عن رجل تيمم أيؤم أصحابه وهم على وضوء؟ قال يأمهم غيره أحب إلي، ولو أمهم هو لم أر بذلك بأساً.

قال مالك في رجل تيمم حين لم يجد ماءاً، فقام وكبر ودخل في الصلاة، فطلع عليه إنسان معه ماء، قال: لا يقطع صلاته، بل يتمها بالتيمم، وليتوضأ لما يستقبل من الصلوات.

وقال مالك -رحمه الله تعالى-: من قام إلى الصلاة فلم يجد ماءاً، فعمل بما أمره الله به من التيمم، فقد أطاع الله، وليس الذي وجد الماء بأطهر منه، ولا أتم صلاة؛ لأنهما أمرا جمعياً، فكل عمل بما أمره الله به، وإنما العمل بما أمره الله به من الوضوء لمن وجد الماء والتيمم لمن لم يجد الماء قبل أن يدخل في الصلاة.