للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"قال مالك: الأمر عندنا في القوم يشترون السلعة البز أو الرقيق فيسمع به الرجل" يسمع بهم شخص "فيقول لرجل منهم: البز الذي اشتريته من فلان قد بلغني صفته وأمره" بحيث لا يخفى عليه منه شيء "فهل لك أن أربحك في نصيبك كذا وكذا" فيدخل -كما يقول العوام- مدخاله، يكون شريكاً للقوم مكانه، وهذا يأخذ المكسب ويمشي، والمرابحة التي سبقت يأتي صاحب السلعة فيقول للمشتري: أعطني ربحاً مقداره كذا وكذا فيلزم البيع، وهنا المشتري هو الذي يقول: "أربحك بنصيبك كذا وكذا، فيقول: نعم فيربحه، ويكون شريكاً للقوم مكانه، فإذا نظر إليه رآه قبيحاً واستغلاه" هل كونه رآه قبيحاً لأنه اختلف عما وصف له؟ لا، ما اختلف، لكن ليس الخبر كالعيان، مهما بلغ الوصف من الدقة، فإنه لا يفيد ولا يقوم مقام الرؤية، فإذا وصف وصفاً دقيقاً ووجد مطابقاً للوصف؛ لأنه قد يوصف لك شيء وأنت في نفسك شيء آخر، أنت متخيل ما دام جاء من تلك الجهة قيل لك هذا الجهاز أمريكي أو إنجليزي أو ياباني متصور أنه في أعلى درجات الجودة، ووصف لك الذي اشتراه، قال: فيه كذا وفيه كذا، ويشتمل على كذا وكذا، لكن فوجئت أن الجودة العامة أقل من الذي توقعت، والأوصاف كلها منطبقة التي ذكرت لك، يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "ذلك لازم له، ولا خيار له فيه، إذا كان ابتاعه على برنامج وصفة معلومة" هذا الذي اشتراه على الوصف، أما إذا اشتراه على البرنامج فالبرنامج لا يختلف، نعم رؤية القليل تختلف عن رؤية الكثير، رؤية الأجزاء تختلف عن رؤية المركب، أعطاك برنامج، أنموذج لرخام، وأعجبتك باعتبارها قطعة، لكن رأيته على الطبيعة مركب على بيت كامل، مستواه أقل، يصير وإلا ما يصير؟ أو العكس أحياناً يكون الأنموذج أقل من رؤيته متكاملاً، فلما رأيت القطعة أعجبتك واشتريت عليها بموجبها، يلزمك البيع والقطعة ما اختلفت، لكن أنت لما رأيته مركب بالجملة، تركيب واحدة جنب الأخرى يختلف عن كونها قطع يسيرة.

يقول: ذلك لازم له ولا خيار له فيه، إذا كان ابتاعه على برنامج وصفة معلومة.