يقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا هو أصح الأسانيد عند الإمام البخاري، أصح الأسانيد عند البخاري: مالك عن نافع عن ابن عمر "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا يبع بعضكم على بيع بعض)) " في الحديث الثاني، حديث أبي هريرة:((ولا يبع بعضكم على بيع بعض)) بما فسر الإمام مالك هذا الكلام؟
"قال مالك: وتفسير قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما نرى والله أعلم ((لا يبع بعضكم على بيع بعض)) أنه إنما نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه" لأنه في صورة البيع على البيع، البيع إذا استوفى شروطه وأركانه، وتم إيجابه وقبوله عند الإمام مالك لا يدخل في هذا، لماذا؟ لأن الصفقة لزمت، والعقد لازم، وليس له الرجوع، ليس لأحدهما الرجوع على الآخر، فإذا باع على البيع الذي قد لزم لا أثر لبيعه على بيعه؛ لأنه يأتي إلى البائع الأول يريد الإقالة يقول: لا والله تم البيع ولا عندي لك شيء، فالإمام مالك يرى أن مثل هذه الصورة لا تدخل، ولذا فسر البيع على البيع أنه إنما نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه، وهذا التفسير لا شك أنه راجح وإلا مرجوح؟ مرجوح، لماذا؟ وجاء النهي عن السوم على السوم، فدل على أن النهي عن البيع على البيع غير النهي عن السوم على السوم "إنما نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه إذا ركن البائع إلى السائم، وجعل يشترط وزن الذهب" يعني خلاص تمت الصفقة إلا شيء يسير، يعني من متعلقاتها، لا في أصلها، يشترط وزن الذهب، يكون من الوزن الوافي "ويتبرأ من العيوب، وما أشبه ذلك" يعني المشتري يستفصل من البائع، يعني تمت الصفقة، اللهم إلا ما يتبع ذلك من البراءة من العيوب، سواء كان من قبل البائع أو من المشتري "مما يعرف به أن البائع قد أراد مبايعة السائم" يعني ركن إليه "فهذا الذي نهى عنه، والله أعلم"