نفي الإيمان لا يعني الأفضلية، اللهم إلا إذا قيل: سُلط نفي الإيمان على التحاكم الأصلي {حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(٦٥) سورة النساء] ثم هذا حكم مستقل، لكن ظاهر العطف عند أهل العلم على نية تكرار العامل، فالعامل مسلط على الجميع، المسألة يمكن انفكاكها باعتبار النظر، هل النظر حال عدم الرضا إلى الحاكم أو إلى الحكم؟ يعني هو لم يرض بالحكم باعتباره من هذا الحاكم؛ لعدم قناعته به، أمس القريب رئيس محكمة من المحاكم يذكر عن واحد من القضاة أنه حكم على شخص، وأظنه قال: غامدي، فقال له لما انتهى الحكم، قد حكم عليه، فقال: إن كان تعترض فهذه لائحة اعتراض واكتب ما شئت، فانكب يبكي، كيف اعترض على حكم الله -جل وعلا-؟! قال: يا أخي أنت ما تعترض على حكم الله تعترض على حكمي أنا، يقول: أثر الموقف في القاضي أثر بالغ، وهو صحيح مؤثر في ظل الظرف الذي نعيشه نادر، فيقول: أبداً لا يمكن أن أعترض على حكم الله، خلاص أنا جئت إلى المحكمة مقتنع بأن الحكم شرعي، وأنه يُحكم فيها بشرع الله، وننتهي على هذا، ورضي وسلم، والأمة -ولله الحمد- ما زال فيها خير، وإن كانت الظروف التي نعيشها فيها شر كثير، وفيها حيل، وفيها تكالب على الدنيا تجعل الإنسان لا يرضى ولا يسلم، بل يبذل من يبذل لإيجاد المحامين الذين هم أمهر منه في الدفاع وألحن منه ليكسب القضية، لكن يوجد مثل هذا -ولله الحمد-، فالقاضي حينما قال له: اعترض ليس معناه أنه يُعينه على الاعتراض على حكم الله، إنما يفتح له الباب إن كان ما عنده قناعة بالقاضي ولا بحكمه فهناك من هو أرفع منه ممن يرجع إليه، وهذا أمر رسمي يعني لو كان لا يجوز له ما وضع، لا سيما وأن الجهة التي يُتحاكم إليها شرعية أيضاً، وهي أرفع من الجهة التي حكمت عليه، فالنظر يمكن أن تنفك جهته، فإن رضي فهذا هو الأصل، لم يجد في نفسه حرج هذا هو الواجب، سلّم تسليماً هذا لا شك أنه هو المطلوب، لم يرض فإن كان عدم رضاه بحكم الشرع لأنه الحكم الشرعي هذا ما في إشكال في كونه ينتفي عنه الإيمان، وإن كان عدم رضاه لعدم قناعته بالقاضي، وافترضنا المسألة في شخص قد يكون أعلم من القاضي المحكوم عليه، وهذا ما هو مستبعد،