للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحنفية، لائق بمذهب الحنفية الذي يقولون: إن الزيادة على النص نسخ، وهذا ثبت بخبر آحاد، وخبر الآحاد لا ينسخ القرآن، جارٍ على قواعدهم.

"قال مالك: فمن الحجة على من قال ذلك القول، أن يقال له: أرأيت لو أن رجلاً ادعى على رجلٍ مالاً أليس يحلف المطلوب ما ذلك الحق عليه؟ فإن حلف بطل ذلك عنه، وإن نكل عن اليمين حُلف صاحب الحق أن حقه لحقٌ، وثبت حقه على صاحبه، فهذا مما لا اختلاف فيه عند أحدٍ من الناس، ولا في بلدٍ من البلدان، فبأي شيء أخذ هذا؟ أو في أي موضعٍ من كتاب الله وجده؟ فإن أقر بهذا فليُقر بالشاهد معه" يعني إن اعترف برد اليمين على المدعي فليعترف باليمين مع الشاهد من باب الأولى، ولا يقول: إن هذا زيادة على القرآن، رد الشاهد مع اليمين لا يوجد في القرآن، وهذا من باب الإلزام، يعني يلزم بما هو أولى، يعني إذا كنت ترد اليمين على المدعي ويقع بها الحق بيمين المدعي عند نكُول المدعى عليه إذا كنت تقبل وتثبت الحق بهذا، فلتثبته بالشاهد مع اليمين من باب أولى؛ لأن معك زيادة شاهد، أنت الآن أثبته باليمين فقد، فلئن تثبته باليمين مع الشاهد من باب أولى، قد يقول لك: الشاهد واليمين لا يوجد في القرآن، يوجد في النص في خبر آحاد، وزيادة على النص، وزيادة على النص نسخ عنده، والآحاد لا القطعي لا ينسخ المتواتر، هذه جادة عندهم، معروف عملهم بها.

يقول -رحمه الله تعالى-: "فبأي شيء أخذ هذا؟ " الذي هو رد اليمين "وفي أي موضعٍ من كتاب الله وجده؟ فإن أقر بهذا فليُقرر باليمين مع الشاهد، وإن لم يكن ذلك في كتاب الله، وإنه ليكفي من ذلك ما مضى من السنة" السنة أصل تشريعي ثابت قائمٌ برأسه، لا يُحتاج إلى أن يُرد إلى كتاب الله {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(٣ - ٤) سورة النجم] تثبت بها الأحكام كما هو مقرر عند من يعتد بقولهم "وإنه ليكفي من ذلك ما مضى من السنة، ولكن المرء قد يُحب أن يعرف وجه الصواب، وموقع الحُجة، ففي هذا بيان ما أشكل من ذلك -إن شاء الله تعالى-" والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد ...