للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا شك أن الأصل قول الجمهور بهذا الحديث، وبما جاء في معناه أن الموات يملك بالإحياء، لكن قول الحنفية يتجه إذا وجدت المشاحة، والمشاحنة بحيث لو ترك الناس يحيون ما وقعوا عليه لحصل بينهم الجدال والنزاع والقتال، تجد السيارات تجوب البراري شرقاً وغرباً، ويمين وشمال، وكل واحد يقول: أنا وصلت قبلك، وواحد يقول: أنا وصلت بعدك، حينئذٍ يتدخل الإمام، وإذا خشي من تضييقهم أيضاً على الناس، وعلى طرقهم فلا شك أن الإمام ينظم الناس في مثل هذه الأمور، فلا بد من إذنه من هذه الحيثية، وإلا فالأصل أن الحديث ما فيه قيد، فيبقى الحديث على إطلاقه، ما لم يحصل بالناس ضرر من هذا الإطلاق، فإذا حصل للناس ضرر جاء التقييد، وننظر هذا بتقبيل الحجر مثلاً، جاء الحث عليه، لكن إذا حصل زحام وقتل ودماء وضرر على ضعفاء الناس لا بد أن يتدخل الإمام ويضع من ينظم الناس، فهو من هذه الحيثية له وجه، وإلا فالأصل أن الحديث مطلق ما في لا إذن إمام ولا غيره، فلا يتجه إذن الإمام إلا حيث يحصل الضرر بهذا الإطلاق، وهذه وظيفة الإمام يعني، كف الأذى عن الناس وشر بعضهم على بعض لا بد منه، ومسألة تقبيل الحجر ظاهرة، يعني يوجد عسكري ينظم الناس لو يقول قائل: والله الشرع حثنا ليش يجي ها العسكري؟ يمنع فلان ويقدم فلان ويؤخر فلان؟ نقول: الآن هذه المصلحة تقتضيه، ولولا وجود هذا العسكري كان حصل ضرر عظيم، القوي يظلم الضعيف، فمن هذه الحيثية يتجه قول الحنفية، لا يقال إن هذا تحكم أو تدخل في أحكام الشرع، لا هو من أحكام الشرع؛ لأنه لا ضرر ولا ضرار، ولا بد من دفع الضرر، ولا يمكن يحسم دفع الضرر إلا الإمام، يعني آحاد الناس ما يملكون، يعني لو يجلس شخص ينظم الناس مثلاً، كان واحد يجي يدفعه، وثاني يمين، وواحد يسار ويش دخلك؟ فلا يملك مثل هذا إلا الإمام، هو الذي ينظم الناس.