قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن دفع إلى الغسال ثوباً يصبغه، فصبغه، فقال صاحب الثوب: لم آمرك بهذا الصبغ، وقال الغسال: بل أنت أمرتني بذلك، فإن الغسال مصدق في ذلك، والخياط مثل ذلك، والصائغ مثل ذلك، ويحلفون على ذلك، إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم في ذلك؛ وليحلف صاحب الثوب فإن ردها وأبى أن يحلف حلف الصباغ.
قال: وسمعت مالكاً يقول في الصباغ يدفع إليه الثوب فيخطئ به، فيدفعه إلى رجل آخر حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه، ويغرم الغسال لصاحب الثوب، وذلك إذا لبس الثوب الذي دُفع إليه على غير معرفة بأنه ليس له، فإن لبسه وهو يعرف أنه ليس ثوبه فهو ضامن له.
يقول -رحمه الله-:
[باب: القضاء فيما يعطى العمال]
من غسال أو صانع أو غير ذلك من أهل المهن والحرف، أعطيت نجار أخشاب، وقلت: اصنع لي دالوب، فلما جئت فإذا به قد صنع ماسة وكرسي، ما الحكم؟ أعطيت الخياط قطعة قماش، قلت: اعملها لي ثوب، فعملها كوت أو العكس، أعطيته يصبغ لك الثوب بلون مناسب أسود، وإلا بني وإلا كحلي، فإذا به قد صبغه صبغ لا يناسبك، فمن تقبل دعواه؟ يقول: هو أمرني بهذا اللون، أعطاه ثوب رجل فصبغه بما يناسب النساء مثلاً، من تقبل دعواه؟ هناك قرائن قد يرجح بها قول المدعي، وهناك قرائن قد يرجح بها قول العامل والمحترف.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن دفع إلى الغسال ثوباً يصبغه، فصبغه، فقال صاحب الثوب: لم آمرك بهذا الصبغ" اصبغ لون بني، فصبغه له بنفسجي مثلاً، يقول: أنا ما ألبس هذا، أو ثوب لا يلائم الرجال، قال: لا أنت أمرتني، والثوب يختلف، أو أعطى المجلد كتاب وقال: جلده لي باللون الأسود فجلده بني، المسألة أخف من الثوب، وكلما قرب من اللون المطلوب كان الأمر أخف.
"قال الغسال: بل أنت أمرتني بذلك" طيب البينة؟ "فإن الغسال مصدق في ذلك" والخياط مثله، لماذا رجح قول الغسال على قول صاحب الثوب؟