للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال -رحمه الله-: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقاً" أي ما يجد منه ويتحصل منه، يعني أعطاها تمراً على رؤوس النخل، لكنه إذا جز وخلص ونقي يصفو منه عشرون وسقاً "من ماله بالغابة" موضع قريب من المدينة، يعني خمسة عشر أو ستة عشر كيلاً أو عشرين كيلاً، موقع هناك اسمه: الغابة، فلما حضرته الوفاة، حضرت أبا بكر الوفاة، ورأى العلامات، وقرب أجله "قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك" يعني هو يحب أن تكون ابنته غنية "ولا أعز" يعني لا أشق على نفسي "علي فقراً بعدي منك" وهذا يدل على أن الغنى راجح حتى عند الأخيار، راجح مرجح على الفقر حتى عند الأخيار "وإني كنت نحلتك" أعطيتك بدون مقابل "جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جذذتيه واحتزتيه كان لك" لأن الهبة والعطية لا تثبت إلا بالقبض، هي ما قبضت، فلم تثبت لها، وهذا من أدلة الجمهور في عدم وجوب التسوية والتعديل، هذا فعل أبي بكر، وخليفة راشد، وأعطى عائشة دون سائر إخوانها وأخواتها، ومن يقول بالتحريم يقول: إنه برضاهم؛ لتتفق النصوص، أنه أرضاهم، ومع ذلك لما لم تحز ولم تقبض رجع فيه.

وعمر أيضاً وهب ابنه عاصماً دون سائر إخوانه، ويقال فيه ما قيل في هذا: إنه برضاهم، وسنة الخلفاء الراشدين إنما محلها في الاقتداء والاستنان بها فيما لا يعارض المرفوع، فإن عارض المرفوع فاحتمال أن الخبر لم يبلغهم، والاحتمال الثاني أنهم استأذنوا في ذلك، وهذا يدل على أن الهبة لا تثبت إلا بالقبض.

"كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث" لو قالت: الآن أنا أجذه وأقبضه، صارت العطية من الآن، والعطية في مرض الموت لا تصح.

"وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك" أبو بكر -رضي الله عنه- مات عن هؤلاء الخمسة، اثنان من الذكور وثلاث من البنات "فاقتسموه على كتاب الله" لأنه صار تركة، فيقسم على كتاب الله للذكر مثل حظ الأنثيين.