للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا ما تدخل، يقصد بها وجه الله، والصدقة إنما يتصدق بها على الفقراء والمساكين، الهدية والهبة والعطية كلها تكون للأغنياء، كما تكون لغيرهم، النحل والعطية والهبة والهدية معانيها متقاربة، إلا أن النحل فيما لا يرجى ثوابه، والعطية فيما يرجى ثوابه، والهدية هي التي يتحبب بها إلى الغير، والهبة يخصها بعضهم بما يكون بنية الثواب، يعني إنما أعطاه ليرد عليه.

على كل حال هي ألفاظها متقاربة، وقد يوضع بعضها موضع بعض.

يقول:

[باب: ما لا يجوز من العطية]

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا فيمن أعطى أحداً عطية لا يريد ثوابها، فأشهد عليها فإنها ثابتة للذي أعطيها" يعني لا يجوز له الرجوع فيها، لكن إن أعطاه بنية الرجوع عليه بالثواب فإنه يرجع فيها إذا لم يثبه، إذا قامت القرائن والشهود الدالة على ذلك.

"فإنها ثابتة للذي أعطيها إلا أن يموت المعطي قبل أن يقبضها الذي أعطيها" كما تقدم "قال: وإن أراد المعطي إمساكها بعد أن أشهد عليها فليس ذلك له" لأنه رجوع وعود في هبته "فليس له ذلك، إذا قام عليه بها صاحبها أخذها" إذا أتى بالبينة بالشهود فإنه يأخذها بالحكم، ما دام الشهود يشهدون بأنه أعطاه إياها انتهى أمرها.

"قال مالك: ومن أعطى عطية ثم نكل الذي أعطاها" جحد وأنكر قال: ما أعطيته شيء "ثم نكل الذي أعطاها فجاء الذي أعطيها بشاهد يشهد له أنه أعطاه ذلك" يعني في كثير من التصرفات يحصل اللبس، فزيد يعطي زميله كتابه بدون صيغة، يمده فيأخذه، فقال زيد المعطي: أنا ما أعطيتك إياه ملك، أعطيتك تستفيد وترجعه، أو تتصفح وتطلع عليه وتعيده، وهذا يحصل كثير، والآخذ يقول: لا، أنا أخذته على أساس أنه عطية، ولا يجوز لك أن ترجع، وقد يكون في نفس الأمر الصادق زيد، وقد يكون الصادق عمرو في نفس الأمر، نعم قد يعطيه العطية ثم يندم على ذلك، ولا صيغة تدل على أنها عطية، ولا أنها عارية، ثم بعد ذلك إذا لم تكن ثمة بينة فإنه يعود فيها، أما إذا كان هناك بينة شهود يشهدون أنه أعطاه إياه تمليكاً فإنه ليس له أن يعود فيها.