{إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ}[البقرة: ١٨٠] نسخها من نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله -عز وجل-، ومن ذلك مما يذكر في هذا المجال حديث:((لا وصية لوارث)) وهو حديث كما يقول الشافعي في رسالته: رواه الكافة، وهو ما يعبر عنه عند من جاء بعد الإمام الشافعي بالتواتر، وحينئذٍ يكون الحديث نسخ الآية ((لا وصية لوارث)) عند من يقول: بأن السنة تنسخ القرآن هذا ما فيه إشكال، لكن عند الأكثر أن السنة لا تنسخ القرآن، ومن ذالكم الشافعي، فالذي نسخ الآية ما ذكر الإمام -رحمه الله-، نسخها ما نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله -عز وجل-، نسختها آية المواريث، لكن هل في آيات المواريث ما يدل على إلغاء هذا الحكم؟ ألا يمكن أن يأخذ الأب ما كتب له، ما قسم له في كتاب الله، وتأخذ الأم ما كتب لها وقسم لها في كتاب الله، ثم تأخذ الوصية؟ هل في الفرائض ما يدل على إلغاء الوصية للوالدين؟ إنما الصريح في النسخ ورفع الحكم هو قوله:((لا وصية لوارث)) وقد أجمع عليه أهل العلم، والإجماع لا يَنسخ ولا يُنسخ، إنما دليل الإجماع هو الناسخ، على كل حال من يقول بنسخ الكتاب بالسنة هذا ما عنده إشكال، الإشكال عند من يقول: بأن السنة لا تنسخ القرآن، فيقول: إن الإجماع قطعي، وما يستند إليه، قطعية الإجماع تعطي ما يستند إليه في الإجماع القطيعة، والقطعي عندهم ينسخ القطعي، ولذلك الخبر:((لا وصية لوارث)) يقول الإمام الشافعي: إنه رواه الكافة عن الكافة، ويقصد بذلك التواتر عند أهل الاصطلاح، منهم من يقول: إن الآية ليست منسوخة، بمعنى أنه لم يرفع حكمها بالكلية؛ لأن النسخ رفع كلي للحكم، والتخصيص رفع جزئي للحكم، فتبقى الوصية للأقربين استدلالاً بالآية؛ لأننا لو قلنا بالنسخ لقلنا: إنه لا وصية للوالدين ولا الأقربين، فهل نسخ الأقربون مع الوالدين أو ما نسخوا؟ الوارث منهم مثل الوالدين، وغير الوارث له وصية، ما نسخ حكمه، فالتخصيص رفع جزئي، وعلى بعد أيضاً يمكن حمل الآية على بلفظها على وجه يصح، كيف؟ هل يمكن أن يوجد والدان غير وارثين؟ يمكن أن يوجد؟ نعم الجد، الجد والد، والأب موجود يوصى له، والجد أب، كما في النصوص، لكن هل يمكن