للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن بطوطة ذكر في أول رحلته أنهم خرجوا من طنجة وبعد عشرة أيام مات القاضي فرجعوا به إلى طنجة، عشرة أيام مشي، والله المستعان، هذا يترتب عليه تأخير فلا يجوز.

"أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدس أحداً" وجاء في الحديث الصحيح: ((إن سلمان أفقه منك)) يقوله الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأبي الدرداء "إن الأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسان عمله" يعني هو الذي يصحبه، هو الباقي، هو الذي يحاسب عليه، أما الأرض فلا تنفعه ولا تقدسه، وبعضهم يحرص أن يكون بجوار رجل صالح في قبره، وهذا أيضاً لا ينفعه إن بطأ به عمله، مثل هذا لا ينفعه.

"وقد بلغني أنك جعلت طبيباً تداوي" يعني قاضي، جعلت قاضياً تقضي بين الناس، والقاضي مثل الطبيب، إما أن يصلح، وإما أن يفسد، إما أن يصلح كالطبيب، أو يقتل بغير حق، كالطبيب الذي يصف العلاج غير المناسب للمرض.

"وقد بلغني أنك جعلت طبيباً تداوي، فإن كنت تبرئ فنعما لك" يعني إن كنت تعلم الحق ومن أهله، وتجتهد بحيث تصيب فنعم ما لك "وإن كنت متطبباً" يعني تدعي الطب، تدعي معرفة الفصل بين الخصومات "فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار" نعم قد يحكم على إنسان بالقتل وهو لا يستحق، يعني من قبل القاضي، قد يتساهل في المقدمات فتخرج النتيجة بالحكم على المحكوم عليه بالقتل، وهذا سببه تقصير القاضي، أو عدم معرفته بمن تقبل شهادته، أو بكيفية الدعاوى والبينات وغيرها "فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار" لكن إذا كان أهلاً للقضاء مجتهداً، وبذل جهده، واستفرغ وسعه، وحكم على واحد ممن لا يستحق إذا استقصى الوسائل والمقدمات الشرعية فإنه يعذر.

"فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار، فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين" استحضر هذه الوصية "إذا قضى بين اثنين، ثم أدبرا عنه، نظر إليهما، وقال: ارجعا إلي، أعيدا علي قصتكما" يتأكد "متطبب والله" يعني يرمي نفسه بأنه مدعي، وأنه ليس أهلاً لهذا المكان، وإن أجبر عليه، والله المستعان.

قال: "وسمعت مالكاً يقول" والشاهد أن القضاء ليس بمرغوب، لذلك في كلام سلمان ما يدل على أن القضاء ليس بمرغوب.