للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أن تكون قيمة العبد ألف دينار فيكاتبه سيده على مائتي دينار عند موته، فيكون ثلث مال سيده ألف دينار، فذلك جائز له، وإنما هي وصية أوصى له بها في ثلثه، فإن كان السيد قد أوصى لقوم بوصايا، وليس في الثلث فضل عن قيمة المكاتب، بدئ بالمكاتب؛ لأن الكتابة عتاقة، والعتاقة تبدأ على الوصايا، ثم تجعل تلك الوصايا في كتابة المكاتب، يتبعونه بها، ويخير ورثة الموصي، فإن أحبوا أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم كاملة، وتكون كتابة المكاتب لهم، فذلك لهم، وإن أبوا وأسلموا المكاتب وما عليه إلى أهل الوصايا فذلك لهم؛ لأن الثلث صار في المكاتب؛ ولأن كل وصية أوصى بها أحد، فقال الورثة: الذي أوصى به المكاتب.

أوصى به صاحبنا

أحسن الله إليك.

فقال الورثة؟ نعم؟ الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه.

فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه، وقد أخذ ما ليس له، قال: فإن ورثته يخيرون فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم، فإن أحببتم أن تنفذوا ذلك لأهله على ما أوصى به الميت، وإلا فأسلموا أهل الوصايا ثلث مال الميت كله، قال: فإن أسلم الورثة المكاتب إلى أهل الوصايا كان لأهل الوصايا ما عليه من الكتابة، فإن أدى المكاتب ما عليه من الكتابة أخذوا ذلك في وصاياهم على قدر حصصهم، وإن عجز المكاتب كان عبداً لأهل الوصايا، لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروه.

خُيروا، خُيروا.

أحسن الله إليك.

لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروا؛ ولأن أهل الوصايا حين أسلم إليهم ضمنوه، فلو مات لم يكن لهم على الورثة شيء، وإن مات المكاتب قبل أن يؤدي كتابته، وترك مالاً هو أكثر مما عليه، فماله لأهل الوصايا، وإن أدى المكاتب ما عليه عتق، ورجع ولاؤه إلى عصبة الذي عقد كتابته.