قال:"وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه أخذ نبطياً قد سرق خواتم من حديد، فحبسه ليقطع يده، فأرسلت إليه عمرة بنت عبد الرحمن مولاة لها يقال لها: أمية" الذي يظهر من السياق أن الخواتم لا تصل قيمتها إلى النصاب "يقال لها: أمية، قال أبو بكر: فجاءتني وأنا بين ظهراني الناس" جاءت وهو جالس مع الناس "فقالت: تقول لك خالتك عمرة: يا ابن أختي أخذت نبطياً في شيء يسير ذكر لي، فأردت قطع يده؟ قلت: نعم، قالت: فإن عمرة تقول لك: لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً" فدل على أن قيمة الخواتم أقل من ربع الدينار "قال أبو بكر: فأرسلت النبطي" يعني تركته، أطلقته، وأطلقت سراحه.
"قال مالك -رحمه الله-: والأمر المجتمع عليه عندنا في اعتراف العبيد أن من اعترف منهم على نفسه بشيء يقع الحد والعقوبة فيه على جسده أو في جسده فإن اعترافه جائز عليه، ولا يتهم أن يوقع على نفسه هذا" يعني هذا الضرر والعقوبة على الجسد؛ لأن الإنسان قد يعترف بشيء له في اعترافه مصلحة، وقد يعترف بشيء فيه على نفسه مضرة، وقد يعترف بشيء أو يدعي شيئاً فيه مفسدة وفيه مصلحة، وقد يعترف أو يدعي شيئاً لا مصلحة فيه ولا مفسدة، فالقسمة رباعية.
إذا اعترف بشيء عليه فيه الضرر، ولا ضرر على غيره يؤاخذ باعترافه وإلا ما يؤاخذ؟ يؤاخذ، إذا اعترف بشيء له فيه مصلحة ولا ضرر عليه لا بد من البينة، إذا كان الأمر المعترف به يشتمل على مصلحة ومفسدة بالنسبة له يصدق في ما فيه مضرته دون ما فيه مصلحته، وإذا اعترف بشيء لا مصلحة فيه ولا مفسدة فالاعتراف وجوده وعدمه سواء.
لو ادعى شخص أنه شريف من نسل النبي -عليه الصلاة والسلام- نصدقه من وجه ولا نوافقه من وجه، نمنعه من الزكاة، ولا نعطيه من الخمس إلا ببينة؛ لأن هذا اعتراف على نفسه؛ لأن الذي يعترف على نفسه يؤاخذ، اعترف على نفسه بما يضره، أما إذا ادعى شيئاً ينتفع به دون مضرة عليه فلا بد فيه من البينة.