وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة، فقال الذي قضي عليه: كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، ومثل ذلك بطل؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما هذا من إخوان الكهان)).
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان يقول: الغرة تقوّم بخمسين ديناراً، أو ستمائة درهم، ودية المرأة الحرة المسلمة خمسمائة دينار، أو ستة آلاف درهم.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: فدية جنين الحرة عشر ديتها، والعشر خمسون ديناراً أو ستمائة درهم.
قال مالك: ولم أسمع أحداً يخالف في أن الجنين لا تكون فيه الغرة حتى يزايل بطن أمه، ويسقط من بطنها ميتاً.
قال مالك: وسمعت أنه إذا خرج الجنين من بطن أمه حياً، ثم مات أن فيه الدية كاملة.
قال مالك: ولا حياة لجنين إلا بالاستهلال، فإذا خرج من بطن أمه فاستهل، ثم مات ففيه الدية كاملة، ونرى أن في جنين الأمة عشر ثمن أمه.
قال مالك: وإذا قتلت المرأة رجلاً أو امرأة عمداً والتي قتلت حامل لم يقد منها حتى تضع حملها، وإن قتلت المرأة وهي حامل عمداً أو خطأ فليس على من قتلها في جنينها شيء، فإن قتلت عمداً قتل الذي قتلها وليس في جنينها دية، وإن قتلت خطأ فعلى عاقلة قاتلها ديتها، وليس في جنينها دية.
وحدثني يحيى سئل مالك عن جنين اليهودية والنصرانية يطرح، فقال: أرى أن فيه عشر دية أمه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
[باب: عقل الجنين]
الجنين: الحمل الذي في بطن أمه، والجنين معروف أن له أطوار، والأحكام إنما ترتب على الجنين بعد نفخ الروح، الأحكام المتعلقة به بعد نفخ روحه، فإذا أعتدي عليها قبل نفخ الروح، وبعد نفخ الروح له حكم، أحكام الأم تتعلق بالتصوير، يعني إذا وجد فيه ما يدل على أنه إنسان، شيء من خلق الإنسان تتعلق به أحكام الأم، فتخرج به من العدة إلى غير ذلك من الأحكام المتعلقة بها، الأحكام المتعلقة بالجنين تثبت بنفخ الروح به، فإذا سقط قبل نفخ الروح فإنه حينئذٍ لا يكفن ولا يغسل ولا يصلى عليه، وكذلك ما يجب فيه.