للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغيلة: يعني قتل الغيلة، وهي الخديعة والسر، بأن يستدرجه إلى مكان بحيث يخفى أمره على غيره فيقتله، ومنهم من يقول: إن الغيلة الذي لا شبهة في كونه عمداً، على كل حال الغيلة ظاهرها أنها ما كان خفية، ومنه الغيلة التي تكون بسبب وطء الحامل المرضع ... ، بسبب وطء المرضع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أردت أن أنهى عن الغيلة فإذا فارس والروم يغيلون فلا يضرهم)) لأن الولد الرضيع يتضرر بالحمل لا سيما في بلاد العرب، وأما في بلاد فارس والروم فإنهم لا يتضررون، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن ينهى عن هذه الغيلة ظناً أن الناس كلهم يتضررون، ولما كان الدين للعالمين للناس أجمعين فالحكم للغالب، فنسبة العرب بالنسبة لغيرهم أقل من غيرهم، فإذا كان الغالب لا يتضرر فإنه لا يحكم بالمنع من أجل تضرر البعض، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن ينهى عن الغيلة، ظناً منه أن الناس كلهم يتضررون، فلما تبين له أن أكثر الناس لا يتضررون عدل عن هذا النهي، ويبقى أنه في حق من يتضرر ممنوع؛ لأن الضرر يجب رفعه، فلا ضرر ولا ضرار.

يقول: "وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفراً خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة، قال عمر: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً" يعني قتل الجماعة بالواحد مذهب جمهور أهل العلم أنه لو اشترك مجموعة، وكل واحد منهم صار سبباً في موته، لا شك أنهم يقتلون به، وخبر عمر -رضي الله عنه- تلقاه العلماء بالقبول، وعملوا به، وأفتوا بموجبه "لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً" يعني لو أن بعضهم لا يستقل بقتله إلا بمساعدة فلان أو فلان أو فلان كلهم قتله، يقتلون به.