للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال يحيى: قال مالك: أحسن ما سمعت في تأويل هذه الآية قول الله -تبارك وتعالى-: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(١٧٨) سورة البقرة] فهؤلاء الذكور والأنثى بالأنثى أن القصاص يكون بين الإناث كما يكون بين الذكور، والمرأة الحرة تقتل بالمرأة الحرة، كما يقتل الحر بالحر، والأمة تقتل بالأمة، كما يقتل العبد بالعبد، والقصاص يكون بين النساء كما يكون بين الرجال، والقصاص أيضاً يكون بين الرجال والنساء، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [(٤٥) سورة المائدة] فذكر الله -تبارك وتعالى- أن النفس بالنفس، فنفس المرأة الحرة بنفس الرجل الحر، وجرحها بجرحه.

قال مالك في الرجل يمسك الرجل للرجل فيضربه فيموت مكانه إنه إن أمسكه وهو يرى أنه يريد قتله قتلا به جميعاً، وإن أمسكه وهو أنه يرى إنما يريد الضرب مما يضرب به الناس لا يرى أنه عمد لقتله فإنه يقتل القاتل، ويعاقب الممسك أشد العقوبة، ويسجن سنة لأنه أمسكه، ولا يكون عليه القتل.

قال مالك -رحمه الله- في الرجل يقتل الرجل عمداً، أو يفقأ عينه عمداً، فيقتل القاتل أو تفقأ عين الفاقئ قبل أن يقتص منه: إنه ليس عليه دية ولا قصاص، وإنما كان حق الذي قتل أو فقئت عينه في الشيء بالذي ذهب، وإنما ذلك بمنزلة الرجل يقتل الرجل عمداً، ثم يموت القاتل فلا يكون لصاحب الدم إذا مات القاتل شيء، دية ولا غيرها، وذلك لقول الله -تبارك وتعالى-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(١٧٨) سورة البقرة].

قال مالك: فإنما يكون له القصاص على صاحبه الذي قتله، وإذا هلك قاتله الذي قتله فليس له قصاص ولا دية.

قال مالك: ليس بين الحر والعبد قود في شيء من الجراح، والعبد يقتل بالحر إذا قتله عمداً، ولا يقتل الحر بالعبد، وإن قتله عمداً، وهو أحسن ما سمعت.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القصاص في القتل