للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: "كان إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- أول الناس ضيف الضيف" يعني قرى الضيف، وأدى ما يجب تجاه الضيف، والحكم في قرى الضيف وضيافة الضيف لا شك أنه يتفاوت، فأحياناً يجب، وجاء: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)) والواجب في قرى الضيف إذا كان في بلد لا يجد فيه الطعام إلا في بيوت الناس، وإلا لو وجد في المطاعم وفي الفنادق وفي غيرها لا شك أن مثل هذا الوجوب لا يتجه، لكن إذا ضاقت به الأرض ولم يجد من يطعمه، فطرق باب أحد من المسلمين وجب عليه أن يضيفه.

"وأول الناس اختتن" اختتن -عليه السلام- وعمره ثمانون بالقدوم، وهل هو الآلة أو مكان؟ محل خلاف بين أهل العلم، وعلى كل حال هو أول من اختتن.

"وأول الناس قص الشارب" هذه الأوليات المذكورة لإبراهيم -عليه السلام-، أول الناس اختتن، وأول الناس قص، هل يتصور أن الناس قبل إبراهيم يتركون كل شيء على طبيعته بحيث يكونون كالأغنام؟ أو أن شعورهم لا تصل إلى هذا الحد بحيث تحتاج إلى قص؟ يعني هل الخليقة كلهم على وتيرة واحدة؟ بالنسبة للأعمار تغيرت، بالنسبة للطول والعرض أيضاً تغير، فهل نقول: إنه تبعاً لذلك تغيرت هذه العوارض مثل الشعور والأظفار، وما أشبه ذلك، بحيث يكون من قبل إبراهيم -عليه السلام- كل هؤلاء لم يحتاجوا إلى القص؟ أو نقول: هم بحاجة لكن ما قصوا ولا أمروا بذلك؟ لأنه تركت هذه الشعور على طبعها ووتيرتها يمكن يصيرون مثل الأغنام، تغطي أبدانهم، أو نقول: إنهم لم يحتاجوا قبل ذلك، كما قيل في الحيض: إن أول الحيض إنما هو في بني إسرائيل، عقوبة لبني إسرائيل، وإن كان القول الآخر أنه من بداية الخلق، وأن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم كما في الحديث الصحيح.