على كل حال ما يثار من مسألة التخفيف ولو ثبت عن بعض الصحابة ما ثبت، ثبت عن ابن عمر أنه كان يأخذ في نسكه ما زاد على القبضة، وحجته في ذلك أن الله -جل وعلا- جمع في النسك بين الحلق والتقصير، {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(٢٧) سورة الفتح] فإذا تم حلق الرأس فماذا عن التقصير؟ ماذا يبقى للتقصير؟ ما بقي إلا اللحية، فهذا فهمه للآية، والواو هذه بمعنى (أو) وليست بمعنى الواو التي تقتضي التشريك بين الأمرين، وفهم من الآية أنه لا بد من الحلق والتقصير في آن واحد، فإذا حلق رأسه لم يبق شيئاً يقصر إلا اللحية، فكان يأخذ ما زاد على القبضة هذا اجتهاده، وهذا موقوف عليه كما هو معروف، لا يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يثبت شيء من المرفوع أنه كان يأخذ من لحيته -عليه الصلاة والسلام-، وإن قال .. ، تتابع متأخرو الفقهاء على جواز الأخذ عما زاد على القبضة، ثم تسامح الناس ما دام دخل المقص فالوزن وزن الشعر صعب، يقول: زاد هذا نقص هذا، وكثير منهم يقول: نعست عند الحلاق وأخذ شيئاً ما رضيته، وبعضهم .. ، سبحان الله، يعني يتحايلون على من؟ على الذي يعلم السر وأخفى، ثم بعد ذلك يتسامحون شيئاً فشيئاً، وسمعنا بعض من يعلم الفقه ممن لا علم عنده يزعم أن القبضة بأصبع واحدة، ما زاد على القبضة بالأصبع يجوز أخذه، يعني ما هو بالقبض بالأصابع كلها، لا، يقول: ما له داعي كل هذا، وصار الدين هوى، ويبرر لنفسه، والمسألة مسألة اتباع، المسألة اتباع للأسوة والقدوة، إذا تعارض المرفوع مع غيره لم يلتفت إلى غيره كائناً من كان القائل، وبعضهم ممن يزاول التعليم يقول: إن الأمر محمول على الندب، والأمر معروف كما هو عند عامة أهل العلم الأًصل فيه للوجوب إلا إذا وجد صارف، إذا وجد صارف نعم، كثير من الأوامر صرفت من الوجوب إلى الندب، وبعض الناس مثلما قلنا: يتأول بهذا ليبرر عمله، وعمل أمثاله وأقرانه أنهم تتابعوا على هذا، ورأوا شيوخهم كذلك، وذهب شيخ أزهري ممن يقول بمثل هذا ويترخص، ويأخذ من لحيته شيئاً كثيراً إلى طبيب هندي، كث اللحية الطبيب، على عادة كثير من الهنود والباكستانيين لحاهم -ما شاء الله- وافية ووافرة، وقال له .. ،