للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((ورجل قلبه معلق بالمساجد)) قلبه متعلق بالمسجد، يعني ما يخرج من المسجد إلا ويحن إلى الرجوع إليه، فتجده في المسجد قبل الصلاة وبعد الصلاة، فإذا خرج لحاجة أو لضرورة أو لمعاش أو ما أشبه ذلك تجد قلبه في المسجد متعلق ((إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه)) يعني جمعتهم المودة، وتفرقا عليه حتى يجتمعا مرة أخرى، ((ورجل ذكر الله خالياً)) يعني ليس عنده أحد، لم يطلع عليه أحد غير الله -جل وعلا-، ((ففاضت عيناه)) يعني بدون رياء ولا سمعة ولا نظر لأحد، ((ورجل دعته ذات حسب وجمال)) يعني امرأة ذات حسب شرف نسب، ومع ذلك هي في نفسها مغرية، كما حصل ليوسف -عليه السلام-، ((فقال: إني أخاف الله)) يعني لم يستجب لها، ((ورجل تصدق بصدقة فأخفاها)) حتى أنه من مبالغته في الإخفاء لا يعلم بعض أطرافه بها ((حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) وهذه رواية الأكثر، وجاء رواية بالعكس، وحكم عليها أهل العلم أنها مقلوبة: ((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)) الأصل أن الإنفاق باليمين، والرواية المقلوبة التي حكم عليها أهل العلم بالقلب هي ثابتة في صحيح مسلم، ومع ذلك يمكن توجيهها أن الإنسان قد يحتاج إلى الإنفاق بالشمال، لا سيما وأن مضمون الحديث إخفاء النفقة، فقد يأتي السائل من جهة الشمال، ويكون عن يمينه من يطلع على الإنفاق، فيعطيه بشماله، فالمعنى صحيح، الأمر الثاني: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((ما يسرني أن يكون لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة)) يعني ليلة ثالثة، ((وعندي منه دينار، إلا دينار أرصده لدين، إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) من أمامه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فالإنفاق عن الشمال لا سيما مع الإكثار أو مع الإخفاء يحتاج إليه.