والرؤيا هي ما يراه النائم أثناء نومه، وهي فيها شيء من الرؤية باعتبار أنه يرى أشياء إلا أنها ليست برؤية تامة، إنما يعتريها ما يعتري النقص اللاحق بسبب النوم، من رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- في المنام فقد رآه؛ لأن الشيطان لا يتمثل به، لكن الإشكال في النقص الذي يعتري الرائي، يعني لو رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- نقول: رأى النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن ما يحدث أثناء هذه الرؤيا إن كان هناك ما يؤيده من الشرع فلا إشكال، وإن كان هناك ما يعارضه أيضاً فلا إشكال؛ لأن الرؤى لا يترتب عليها أحكام شرعية، ولا يغير بها أحكام شرعية، إذا كانت الرؤيا لا موافق لها من الشرع ولا معارض فكذلك، إن كانت في أمور عادية فالأمر سهل، وإن كانت في أمور شرعية فلا؛ لأن كثيراً ممن التبس عليه الأمر يعمل بمقتضى الرؤى، فيقول: رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: صم هذا اليوم، أو قل للجماعة الفلانية، أو أهل البلد الفلاني يصومون هذا اليوم، نقول: لا، لا يصومون، طيب الرسول لا يتمثل به الشيطان، الإشكال فيك أنت، وفي ضبطك، ليس الإشكال في الرسول -عليه الصلاة والسلام-، يسترسل بعضهم ويثبت بها أحكام يعارض بها نصوص، فمنهم من يرى الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول له: الحديث الفلاني أو يسأل الرسول عن الحديث الفلاني فيقول: صحيح أو ضعيف، كل هذه لا تثبت بالرؤى، الدين كمل بوفاته -عليه الصلاة والسلام-، والسبب في ذلك لا الشك في رؤية النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما الشك في أهلية الرائي؛ لأن الأصل أنه نائم، والنائم لا يعقل تصرفاته، تجدون بعض من فيهم شوب من التصوف يسترسلون في هذا الباب، ويعارضون أحكام، ويبنون أحكام جديدة بمجرد رؤى، ويصححون أحاديث حتى تجاوز بعضهم مسألة الرؤيا، حتى زعم أنه يرى النبي -عليه الصلاة والسلام- في اليقظة، ويسأله عن أحكام، وعن أحاديث فيجيبه، ويقول: إن الشيطان لا يتمثل بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: هذا الكلام صحيح، لكن الإشكال فيك أنت، هل ضبطت هذه الرؤيا؟ بدليل أن الإنسان يرى رؤيا طويلة، ثم إذا أراد أن يعيدها ضاع تفلت منه أكثرها، تفلت منه كثير منها؛ لأنه ليس في حالة ضبط تامة، والكلام الصحيح