"حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سمعت أبا قتادة –يعني الحارث بن ربعي- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((الرؤيا الصالحة من الله)) " الصالحة الصادقة من الله -جل وعلا-، ((والحلم من الشيطان)) يعني واحد الأحلام الأضغاث، هذه من الشيطان، يتلاعب ببني آدم، يتلاعب بهم في النوم، ((فإذا رأى أحدكم الشيء يكرهه)) فلا يسعى في تعبيره، وإنما ينفث عن يساره ثلاث مرات، والرؤيا كما جاء في الخبر على رجل طائر إن أولت وقعت، ((فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ، وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره إن شاء الله)) فإنها لن تضره إذا فعل ذلك انتهى أثرها.
وعلى هذا لو أن إنساناً ممن يتصدى للتعبير ثم جاءه من رأى رؤيا ليست بصالحة، هي في ظاهرها، بعض الناس يرى شيئاً ظاهره صالح، ثم بعد ذلك إذا ذهب إلى المؤول أو العابر تبين أنها ليست بصالحة، والرؤيا المؤثرات على تأويلها وتعبيرها كثيرة: منها ما يتعلق بالرائي، ومنها ما يتعلق بالمرئي، ومنها ما يتعلق بالظرف الذي يعيشه، ومنها ما يتعلق ... ، المقصود أن المتعلقات كثيرة، كلها على العابر أن يستحضرها، وبعد الاسترسال الذي حصل من بعض من ينتسب إلى طلب العلم تجد الآن الناس يمتحنونهم فيسألونهم عن أشياء يكذبون فيها ما حصلت، يختبرونهم في رؤى ما وقعت ويعبرونها، وهذا إشكال كبير؛ لأن تعبير الرؤيا له ظروفه، وله أحواله، وقد يعبر لشخص ما لا يعبر للآخر، يعني مثلما ذكر عن ابن سيرين أنه جاءه رجل قال: رأيت أني أذن، قال: تحج -إن شاء الله- هذه السنة، وجاءه آخر قال: رأيت أني أذن نفس الوقت، قال: سوف تقطع يدك، فرق كبير بين من يحج ومن تقطع يده، وذلكم إلا لأن الأحوال التي احتفت بالأول غير الأحوال التي احتفت بالثاني، فالمؤلفات التي ألفت في التعبير ما تلاحظ هذه الأمور، من رأى كذا سوف يحصل كذا، بينما العابر عليه أن ينتبه لهذه المؤثرات، يعني هناك أمور دقيقة جداً.