فصل: وأما الأثر الذي ذكره مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة ... الحديث إلى آخره، فالجواب عنه أنه ليس بحمد الله فيه شيء من الطيرة، وحاشا أمير المؤمنين -رضي الله عنه- من ذلك، وكيف يتطير وهو يعلم أن الطيرة شرك من الجبت؟! وهو القائل في حديث اللقحة ما تقدم؟ لكن وجه ذلك -والله أعلم- أن هذا القول كان منه مبالغة في الإنكار عليه؛ لاجتماع أسماء النار والحريق في اسمه واسم أبيه وجده وقبيلته وداره ومسكنه، فوافق قوله: اذهب فقد احترق منزلك قدراً، ولعل قوله كان السبب، وكثيراً ما يجري مثل هذا لمن هو دون عمر بكثير، فكيف بالمحدث الملهم الذي ما قال لشيء: إني لأظنه كذا إلا كان كما قال، ويقول الشيء ويشير به فينزل القرآن بموافقته إذا نزل الأمر الديني بموافقة قوله، فكذلك وقوع الأمر الكوني القدري موافقاً لقوله، ففي الصحيحين عن عائشة ... إلى آخره، ثم جاء بالأحاديث التي تمدح عمر.
الحديث الأول حديث اللقحة أيضاً تكلم عليه ابن القيم -رحمه الله- قبل ذلك يعني كلام ابن القيم -رحمه الله- عن هذه المسألة طويل جداً، ومحرر، ويكشف كثير من هذه الأمور، ويزيل كثير من الشبهات؛ لأن المسألة من المضايق، من مضايق الأنظار.
الذي معي الطبعة الأولى، وما فيها فواصل، ولا فيها عناوين، ولا فيها، نعم.
قال: الفأل يفضي بصاحبه إلى الطاعة والتوحيد، والطيرة تفضي بصاحبها إلى المعصية والشرك، فلهذا استحب النبي -عليه الصلاة والسلام- الفأل، وأبطل الطيرة.
وأما حديث اللقحة ومنع النبي -عليه الصلاة والسلام- حرباً ومرة من حلبها، وأذنه ليعيش في حلبها فليس هذا بحمد الله في شيء من الطيرة؛ لأنه محال أن ينهى عن شيء ويبطله، ثم يتعاطاه هو، وقد أعاذه الله سبحانه من ذلك.
قال أبو عمر: ليس هذا عندي من باب الطيرة؛ لأنه محال أن ينهى عن شيء ويفعله، وإنما هو من طلب الفأل الحسن، وقد كان أخبرهم عن أقبح الأسماء أنه حرب ومرة، فأكد ذلك حتى لا يتسمى بها أحد، ثم ساق من طريق ابن ربيعة عن جعفر ... إلى آخره.
المقصود أن ابن القيم -رحمه الله- أشبع الموضوع في أواخر الكتاب، أعني في آخر الجزء الثاني أو في أواخره، وذكر جميع الأحاديث الواردة في الباب وأجاب عنها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.