المملوك لا شك أنه إنسان له حقوقه وله مشاعره، والأذى الذي يناله من سيده لا شك أنه يؤثر فيه، فضلاً عن غيره، ولذا جاء الأمر بالرفق به، وأن يطعمه الإنسان مما يطعم، ويكسوه مما يلبس، قال:"حدثني مالك أنه بلغه أن أبا هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف)) " للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، يعني فيما يتعارفه الناس، يعني يحتاج إلى الطعام بمبلغ كذا، أو بمقدار كذا، لا يجوز أن ينقص عنه بما يضره، ويحتاج من الكسوة كذا، فلا يجوز أن ينقص عنها، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق، لا يجوز أن يكلف أن يحمل أكثر فوق طاقته، وأن يعمل من الساعات أكثر مما يطيق ويحتمل، كما أن الدواب كذلك، لا يجوز أن يحمل عليها أكثر من طاقتها، وكان بعض الناس يظلم الدواب إلى وقت قريب، يعني قبل مجيء هذه الوسائل التي تحمل الأمتعة والبضائع يحملون هذه الدواب أكثر مما تطيق، فضلاً عن الرقيق، فماذا عن تحميل هذه المركبات، وهذه السيارات أكثر مما تطيق؟ حمولتها خمس طن يقول: الأمر هين، هذا حديد يتحمل، نشيل عليه ستة، هذا إذا كان يغلب على الظن أنها تتلف بهذا فهذا من إضاعة المال، يعني تحميلها أكثر مما تطيق هي لا يضر بها بقدر ما يضر بك أنت، هذا يكون من إضاعة المال، وإذا كانت تسبب في إتلاف مال غيره أيضاً يمنع من هذه الحيثية، ولذلك تجدون بين كل مسافة وأخرى ميزان يزن السيارات بحمولتها؛ لأن هذا يؤثر على الطرق، ويفسدها ويتلفها، فمثل هذا يمنع لا لذاته لا لأنه يؤثر على الدابة أو على المركبة، لكنه يؤثر على المال العام.
((للملوك طعامه)) ملك اليمين سواء كان ذكر أو أنثى، له طعامه، لا يجوز أن ينقص من طعامه ما يضر به، ولا من كسوته التي تعارف الناس عليها ((ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق)) لا يكلف أن يأتي يومياً أن يأتي بألف ريال، وهو لا يستطيع أن يحقق إلا خمس مائة مثلاً، أو أكثر أو أقل، لا يكلف إلا ما يطيق، والعلة في ذلك ما سيأتي في الحديث الأخير.