قال:"حدثني مالك عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن بلال بن الحارث المزني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت)) " تكون سبب لرضوان الله عليه وهي كلمة، وقد يفعل فعلة تكون هي السبب في دخوله الجنة، وإن كانت عنده مخالفات، كلمة ينتفع بها أقوام وهي كلمة واحدة، وتجري له الأجور بسبب نفعه هؤلاء الأقوام إلى قيام الساعة، وهي كلمة واحدة، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يعني في بعض الروايات:((لا يلقي لها بالاً)) لا نقول: إنها لم يقصدها ولم ينوها، إنما الأعمال بالنيات، لكن لا يلقي لها بالاً يلقيها في موضع يظن أن أمرها سهل عند الله -جل وعلا-، وهو يعرف أنها نافعة ومطلوبة ومن رضوان الله، ولذا معرفة حكم الشيء لا بد منه، لكن معرفة ما يترتب عليه ليس بلازم، يعني من يعرف أن التسبيح فيه أجر عظيم، ومحبوب عند الله -جل وعلا-، ولا يعرف أن من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة، حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، نقول: تحط عنه ولو لم يعرف.
من عرف أن الجماع في نهار رمضان حرام، لكن ما يعرف أن فيه عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، نقول: يلزمه، المقصود أنه عرف أنه حرام، فإذا عرف الحكم إجمالاً لزمته توابعه.
هذا يعرف أن هذه الكلمة مما يرضي الله -جل وعلا-، لكنها يسيرة، وكم من كلمة من رضوان الله نفع الله بها نفعاً عظيماً، وكم من كلمة من سخط الله حصل بها الضرر العظيم، ((وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً)) نسأل الله العافية.
وهذا الحديث في الصحيح، لا يقال: إن هذا ثواب عظيم رتب على أمر يسير أو العكس، لا؛ لأن هذا الضابط عند أهل العلم ليس على إطلاقه؛ لأنه من ضوابط معرفة الموضوع عندهم: أن يرتب الثواب العظيم على العمل اليسير أو العكس، لكن هذا إذا لم يوجد للخبر إسناد، إذا لم يوجد له إسناد نعم، تكون قرينة على أنه موضوع، لكن إذا عرفنا إسناده ففضل الله واسع، وعذابه شديد.