للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فقال الرجل: لا تخبرنا" وهو الرجل عينه، الأول "لا تخبرنا يا رسول الله، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك، ثم ذهب الرجل يقول مثل مقالته الأولى فأسكته رجل إلى جنبه" يعني من التكرار، من تكرار النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذا الخبر كأنه يود أن يخبر، لكن من أدبه -عليه الصلاة والسلام- لا يحب المصادمة من أول الأمر، لعل الرجل يفهم، لعله يترك، لعله يترك من نفسه من دون أن يسكت فأسكته رجل، نعم إلى جنبه "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة)) " دخل الجنة ((ما بين لحييه وما بين رجليه)) يعني ما بين لحييه يعني اللسان، بين الفكين اللحيين نعم هو اللسان، وما بين رجليه يعني الفرج "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة، ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه)) " كررها ثلاثاً للتأكيد.

قال: "وحدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه فقال له عمر" أبو بكر الصديق أفضل الأمة بعد نبيها، يعني أفضل المخلوقين بعد الأنبياء على الإطلاق، دخل عمر "دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه" يجبذ ويجذب بمعنى واحد، يجذب لسانه بيده "فقال له عمر: مه" اكفف، ما الذي دعاك إلى هذا؟! "غفر الله لك! فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد".

وهل تظنون أنه ينطق بمحرم عن علم بتحريمه، وهو خير هذه الأمة بعد نبيها؟ حاشاه، وليس بمعصوم، لكن قوله: إن هذا أوردني الموارد يعني في الكلام بما هو مفضول مثلاً، وبما هو خلاف الأولى، يعني عندنا كلام واجب، وكلام مستحب، وكلام مباح، وكلام مكروه، وكلام محرم، فالذي يتكلم بالمستحب مع إمكانه أن يتكلم بالواجب، هذا خلاف الأولى، يتكلم بمباح مع إمكانه أن يتكلم بمستحب بدلاً من القيل والقال الذي لا تبعة فيه، ولا تحريم فيه يسبح ويذكر الله -جل وعلا-، صار يتكلم بما هو خلاف الأولى، فضلاً عن أن يتكلم بالمكروه والمحرم.