للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول: عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، ألا ترى أنه يقال: صدق وبر وكذب وفجر.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أنه قيل للقمان: ما بلغ بك ما نرى؟ يريدون الفضل، فقال لقمان: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول: لا يزال العبد يكذب وتنكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه كله، فيكتب عند الله من الكاذبين.

وحدثني عن مالك عن صفوان بن سليم أنه قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيكون المؤمن جباناً؟ قال: ((نعم)) فقيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟ فقال: ((نعم)) فقيل له: أيكون المؤمن كذاباً؟ فقال: ((لا)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

[باب: ما جاء في الصدق والكذب]

الصدق هو الكلام المطابق للواقع، والكذب المخالف للواقع، هذا الأصل فيه، وقد يكون مطابقاً للواقع وهو كذب، حقيقة شرعية، يعني كما جاء في تكذيب العراف والكاهن، وتكذيب القاذف، هو كاذب، وإن طابق كلامه الواقع؛ لعدم استكمال النصاب، والكاهن والعراف وإن صدق فيما يقول لكنه كاذب حقيقة شرعية؛ لأن بعض الناس يقول: لا يمكن أن أدفع التصديق عن نفسي وهو كلامه مطابق للواقع، نقول: لا بد أن تدفع التصديق، أن تقول: أنت كذبت ولو طابق الواقع، وهذه حقيقة شرعية، أما الأصل في الكلام أنه إما صدق وإما كذب، ولا واسطة بينهما عند أهل السنة، ويرى المعتزلة أن هناك واسطة كلام ليس بصدق ولا كذب، والصدق والكذب يعني مخالفة الواقع أو مطابقة الواقع بغض النظر عن القصد، فيكون كذاباً لو أخطأ، لكن الفرق بينهما أن هذا يلام عليه، ويؤاخذ به إذا كان عن قصد، وذاك لا يؤاخذ به إذا كان عن غير قصد.