للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: إتمام المصلي ما ذكر إذا شك في صلاته" يقول: "حدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار" مرسلاً "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً فليصلي)) " بالإشباع، وإلا فالأصل: فليصلِ؛ لأنها لام الأمر، ((فليصلي ركعة)) في رواية مسلم: ((فليطرح الشك، وليبنِ على ما استيقن، وليسجد سجدتين وهو جالس، قبل التسليم)" ((إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً؟ فليصلي ركعة، وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم)) " هذا يرد على مالك في قاعدته أو لا يرد؟ كيف؟ نعم، قد يرد وقد لا يرد، قد يرد وقد لا يرد؛ لأنه إن كان ما فعله مطابق للواقع نعم لم يرد، وإن كان ما فعله فيه زيادة ورد عليه ((فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بهاتين السجدتين)) يعني كأن هاتين السجدتين قامتا مقام ركعة، فصارت صلاته بعد أن كانت خمس صارت ست، والست شفع، فكأن المطلوب في الصلوات الشفع لا تقطع على وتر، وقل مقابل هذا لو كانت صلاة مغرب، نعم، ثم تردد هل صلى ركعتين أو ثلاث؟ نعم، يبني على الأقل ويأتي بثالثة إن كانت رابعة صارت وتراً له، صارت سجدتا الوتر لتقطع صلاة المغرب على وتر ((فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بهاتين السجدتين)) يعني ردها إلى الشفع بعد أن كانت وتراً ((وإن كانت رابعة)) يعني من غير زيادة صار فعله مطابق للواقع ((فالسجدتان ترغيم للشيطان)) إغاضة للشيطان، وإذلال.

قال النووي: معنى الحديث أن الشيطان لبس عليه صلاته، لبس عليه صلاته، لكنه تدارك ما لبسه عليه بهاتين السجدتين، فأرغم الشيطان، ورده خاسئاً مبعداً عن مراده؛ لأن الشيطان لا شك أنه يغيظه أن يأتي الإنسان بما أمر به على الوجه المأمور به، ولذا إذا ثوب للصلاة، إذا نودي للصلاة أدبر، ثم رجع، ثم إذا ثوب بها أدبر ثم رجع ليلبس على الإنسان صلاته، ويذكره ما لم يذكر، فلا شك أنه إذا ذكره سعى في غفلته عن الصلاة لا يدرِ كم صلى، ثم إذا فعل ما أمر به وما وجه إليه من هاتين السجدتين أرغم الشيطان بهذا.