يقول:"وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" مرسلاً، ووصله معن بن عيسى أحد رواة الموطأ فقال عن عائشة "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبس خميصة لها علم ثم أعطاها أبا جهم" لأنه كاد أن يتشاغل بها وقت الصلاة -عليه الصلاة والسلام-، "وأخذ من أبي جهم أنبجانية" كساء غليظ لا علم له، سادة، "فقال له: يا رسول الله ولم؟ " لأنه رد عليه هديته فصار في نفسه شيء، ولذا طلب البديل، الانبجانية، ولم؟ "فقال:((إني نظرت إلى علمها في الصلاة)) ابن الجوزي أورد إشكال وهو أنه كيف أنبجانية تشغل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن صلاته ووجد في الأمة من سقط السقف في المسجد ما التفت؟ وقع السقف إلى جانب مسلم بن يسار ولم يعلم به، منشغل في صلاته، مستغرق في صلاته، نعم نقول: إن هذا تشريع، هذا بالنسبة له تشريع لأمته -عليه الصلاة والسلام-، وقل مثل هذا فيما يحصل له -عليه الصلاة والسلام- من قراءته لكتاب الله -عز وجل-، وهو أعلم الناس، وأخشى الناس، وأتقى الناس، وأورع الناس، نعم وأسلمهم قلباً، ووجد بعده، بعد عصره من إذا قرأ القرآن أصيب بالغشي، لا يأتينا من ينكر يقول: هذا ما يمكن يصير؟ إلا يصير يا إخوان، فهل هذا حاله أكمل من حال الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ لكن أي حال مثل هذا الذي يصاب بالغشي أو مثل حالنا؟ لأن عندنا أمران: عندنا وارد ومورود، وارد قوي {إِنَّا سَنُلْقِي} [(٥) سورة المزمل] إيش؟ {قَوْلًا ثَقِيلًا} [(٥) سورة المزمل] يوحى إليه -عليه الصلاة والسلام- في الليالي الشاتية فيصاب بالرحضاء بالعرق من ثقله، الوارد ثقيل، وكلام من؟ كلام الله -جل وعلا-، والمورود بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- قوي يحصل تعادل، إذا قرأ لا يحصل له شيء من الغشي، نعم يتأثر ويبكي -عليه الصلاة والسلام-، وأصحابه على سنته -عليه الصلاة والسلام-، من جاء بعدهم يستشعرون عظمة الوارد مع ضعف المورود فيحصل لهم ما يحصل، لكن من جاء بعدهم لما طال العهد لا يستحضرون قوة الوارد، لو استحضروا قوة الوارد وقلوبهم أضعف من قلوب التابعين بدليل ما يحصل لهم من الفزع والهلع والجزع حينما يصابون بشيء من أمور دنياهم، أضعف من قلوب التابعين، لكن ما في استشعار لعظمة