للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقصود أن التعلم والتعليم من أفضل أبواب الجهاد، وأجره عظيم لمن أخلص فيه؛ لأن تعلم العلم الشرعي من أمور الآخرة المحضة التي لا يجوز فيها التشريك، فإذا أخلص العبد لربه فليبشر وليؤمل خيراً ((ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)).

"وحدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر أنه سمع أبا هريرة يقول: إذا صلى أحدكم" فرضاً أو نفلاً؛ لأن حذف المفعول يدل على التعميم، إذا قلت: لا تعط زيداً أنت ما ذكرت لا تعطه ريال ولا عشرة ولا مائة ولا ألف، مقصوده لا تعطيه شيئاً من هذا كله، فحذف المفعول يدل على التعميم "إذا صلى أحدكم ثم جلس في مصلاه لم تزل الملائكة تصلي عليه" يعني تدعو له "اللهم أغفر له، اللهم أرحمه، فإن قام من مصلاه -يعني البقعة التي صلى فيها- فجلس في المسجد ينتظر الصلاة لم يزل في صلاة -حكماً- حتى يصلي" هناك لم تزل الملائكة تصلي عليه هذا إذا جلس في البقعة التي جلس فيها، إن انتقل إلى مكانٍ آخر فهو في صلاة ما دام ينتظر الصلاة.

يقول ابن عبد البر أيضاً: هذا مثل حديثه المرفوع إلا أنه يشمل الاحتمالين السابقين ذكرهما في المراد بالمصلى، وعند النسائي مرفوعٌ من طريق مالك أيضاً؛ لأنه هذا موقوف على أبي هريرة، لكن مثله لا يقال بالرأي فحكمه حكم الرفع.

على كل حال من جلس في المصلى البقعة التي صلى فيها دخل في هذه النصوص دخولاً قطعياً، فإن انتقل من هذا المكان إلى مكانٍ آخر في المسجد لمبررٍ واضح لا يستطيع أن يجلس بدون تكأة هذا يرجى له أن يكون كما لو جلس في المصلى.

إذا انتقل إلى مكانٍ آخر من دون قصدٍ صحيح وغرضٍ صحيح بل انتقل من مكان إلى آخر لمجرد الانتقال فهذا لا شك أن ثوابه أقل، ومثله لو لم يجلس يعني انتقل من مكان ثم إلى ثالث إلى رابع وهكذا، ولو استغرق الوقت مشياً وهو يذكر الله ويقرأ القرآن أو يصلي فإنه يرجى له الخير العظيم -إن شاء الله تعالى- ما دام جالس في المسجد في بيتٍ من بيوت الله ينتظر الصلاة فهو على خير -إن شاء الله تعالى-.