"فصلِّ يا رسول الله في بيتي مكاناً أتخذه مصلى" يعني موضعاً للصلاة، أتخِذُه أو أتخذْه؟ بالوجهين، الجزم ظاهر، أتخذْه جواب الطلب "فصل يا رسول الله مكاناً أتخذْه" وأتخذُه جملة صفة لإيش؟ للمكان، مكاناً يكون وصفه أني أتخذُه مصلى "أتخذُه مصلىً -يعني موضعاً للصلاة- فجاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -في بيته- فقال:((أين تحب أن أصلي؟ )) فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" بدأ بالصلاة، هنا بدأ بالصلاة؛ لأن الدعوة كانت للصلاة.
في حديث مليكة السابق من حديث أنس:"دعي للطعام فبدأ بالطعام ثم صلى" هنا قدم الصلاة في حديث عتبان لأن الدعوة كانت من أجل الصلاة، وبدأ بالأكل في حديث أنس في قصة مليكة، ثم صلى؛ لأن الدعوة كانت للأكل.
((أين تحب أن أصلي؟ )) فأشار إلى مكانٍ من البيت فصلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" والحديث متفق عليه، وفيه قصة تأتي الإشارة إلى بعضها، قصة طويلة.
لما اعتذر عتبان بأنه أنكر بصره، وأنه تعترضه في طريقه ما يعترضه في وقت الظلمة والمطر والسيل، أيهما أشد عذر هذا وإلا ابن أم مكتوم؟ أيهما أقوى في العذر عتبان أو ابن أم مكتوم؟ ابن أم مكتوم في طريقه إلى المسجد -هو رجلٌ أعمى- وفي طريقه إلى المسجد وادٍ فيه هوام وفيه سباع، وله قائد لا يلازمه، فلم يعذره النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهنا جاء إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- محققاً رغبته، وعذره وصلى في بيته مكاناً، فما الفرق بينهما؟ لأن من لا يرى وجوب صلاة الجماعة إذا أورد عليه حديث ابن أم مكتوم قال النبي -عليه الصلاة والسلام- عذر عتبان وهو أقل منه في العذر، فما الفرق بينهما؟ لا شك أن العميان يتفاوتون، منهم في الدلالة وعدم المشقة من هو أشد من المبصرين، أو من بعض المبصرين، ومن العميان لا سيما من فقد البصر وهو كبير من يعثره أدنى شيء، ويضل الطريق مهما قصر أو طال.