وفي خبر ابن مسعود -رضي الله عنه-: الحث على العمل بالعلم، وليس مراده التقليل من شأن العلم أبداً، ولا من شأن التعلم، ولا من شأن القراءة، لا يعني الأمة إذا كثر فيها طلاب العلم والقراء أنها تصرف البقية عن طلب العلم، لا، بل الجميع مطالب بأن يتعلم، الجميع مطالب بأن يتعلم ليعبد الله على بصيرة، لا على جهل، لكن مع ذلكم مطالبون بالعمل، فلا يفهم من كلام ابن مسعود أنه إذا كثر القراء مع وجود -ولله الحمد- الإقبال على حفظ كتاب الله وحفظ السنة، والتعلم العلم الشرعي على الجواد المعروفة عند أهل العلم، هذا شيء -ولله الحمد- كثير، وشيء محسوس، فلا يقال: إن هذا التعلم على ضوء ما أخبر به ابن مسعود -رضي الله عنهما- أنه من وصف الزمان اللاحق، والزمان الأول بخلافه، ابن مسعود يريد أن يحث طالب العلم على العمل، وأن لا يقتصر على التعلم، لا يقتصر على القراءة فقط دون فهم وتدبر واستنباط وعمل، لكن قد يكون الواقع هكذا، قد يكون يحكي واقع، لكن هل حكاية الواقع تعني الذم من كل وجه؟ نعم الواقع المخالف مذموم، والواقع الموافق ممدوح.
فلا يقال: إن كثرة القراء صفة ذم، نعم هي صفة ذم إذا تجردت هذه القراءة عن العمل، أما إذا اقترن العلم بالعمل فهو من أفضل ما يتقرب به إلى الله -جل وعلا-، وتعلم العلم الشرعي من أعظم أبواب الجهاد.