ومن أسباب الخوف، الأسباب المؤدية للخوف: الإخلال بأوامر الله -جل وعلا-، لا سيما ما يتعلق بالتوحيد {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ} [(٨٢) سورة الأنعام] يعني لهم الأمن التام، وهو مطلق يشمل أمن الدنيا والآخرة {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} لماذا؟ {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [(٥٥) سورة النور] ولا شك أن المحافظة على التوحيد الذي هو أصل الدين سببٌ لاستمرار الأمن، وخلط هذا التوحيد ومزجه بشيء من الشرك لا شك أنه من أعظم أسباب زوال الأمن وحصول الخوف.
على كل حال إذا حصل هذا الخوف والمفترض أن يكون من عدو، المفترض أن يكون الخوف من عدو، وما جاء في هذه الأحاديث كله في غزوات مع الأعداء.
صلاة الخوف شرعت في غزوة ذات الرقاع، في ذات الرقاع، ووردت على وجوه وصفات متعددة، يقول الإمام أحمد -رحمه الله-: تفعل هذه الوجوه كلها؛ لأنها كلها ثابتة واختلافها اختلاف تنوع، وهي على حالات أحوال يتحرى فيها الأحوط للصلاة، والأبلغ في الحراسة، كل صورة من هذه الصور تنزل على الوضع المناسب لها.
هذه الصلاة مشروعة للنبي -عليه الصلاة والسلام- ولأمته من بعده خلافاً لأبي يوسف الذي يقول: إنها لا تصلى مع غيره -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله -جل وعلا- قال:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ} [(١٠٢) سورة النساء] .. إلى آخر الآية، ففعل هذه الصلاة مشروط بكونه -عليه الصلاة والسلام- فيها، فدل على أنها لا تفعل مع غيره، والجمهور على أنها تفعل مع غيره في حياته وبعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وفعلها الصحابة من بعده، فدل على أنها ليست خاصة به.
وأما قوله -جل وعلا-: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ} [(١٠٢) سورة النساء] فهو نظير قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(١٠٣) سورة التوبة] هل يقول قائل: إن الصدقة لا تؤخذ بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن الأمر متجه إليه؟ لا يقوله أحد، إذاً صلاة الخوف مستمرة.