هذا فيه قرائن معروف، هنا فيه قرائن، والمسائل .. ، وهذه المسألة أقول فيها أقوال: منهم من يقول: إنهم عملوا بالظن وانتقلوا من القطع إليه؛ لأن خبر الواحد يفيد القطع مطلقاً، هذا معروف عن حسين الكرابيسي وداود الظاهري، وبعض أهل العلم، ومنهم من يقول: إنه لا يفيد القطع مطلقاً؛ لأنه إذا أفاد القطع انتقل من كونه خبر واحد، ومنهم من يتوسط ويقول: إنه يفيد القطع إذا احتفت به قرينة، وهنا احتفت به قرينة، عرفوا من حال النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يتشوف إلى تحويل القبلة، وفيه قوله -جل وعلا-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [(١٤٤) سورة البقرة] ثم جاء النسخ، فالقرينة دلت على أنه .. ، أن خبره محفوظ، وأنه مقطوعٌ به؛ لأن خبر الواحد في الأصل لا يفيد إلا الظن عند الجمهور، لماذا؟ لأن المخبر مهما كان من الثقة والضبط والإتقان إلا أنه ليس بمعصوم من الخطأ والوهم ليس بمعصوم، وقد حصل الخطأ من كبار الحفاظ من مالك نجم السنن، أخطأ في أحرف يسيرة، فإذا تصورنا أن مثل مالك ومن فوق مالك ممن لم تضمن له العصمة يقع في الخطأ حتى من بعض الصحابة وقع الوهم، فخبر مثل هذا هل يمكن أن يجزم به مائة بالمائة أو لوجود الاحتمال الثاني احتمال النقيض تنزل النسبة إلى تسعة وتسعين ثمانية وتسعين تسعين ثمانين سبعين على حسب ما عند الراوي من كثرة الأوهام وقلتها؟ تنزل النسبة، وهو في عداد الثقات ممن يقبل خبره، يعني العمل بخبر الواحد واجب بإجماع من يعتد بقوله من أهل العلم، يعني لا تلازم بين وجوب العمل وكونه يفيد القطع أو الظن، فهذه النسبة إذا وجدت ولو واحد بالمائة؛ لأن العلم عندهم ما لا يحتمل النقيض، فإذا احتمل النقيض ولو واحد بالمائة نزل الخبر من المائة إلى تسعة وتسعين إلى ثمانية وتسعين إلى تسعين إلى آخره، هذه القرينة التي احتفت بهذا الخبر صارت في مقابل هذا الاحتمال الضعيف، فارتفع هذا الاحتمال فأفاد خبره القطع، وهذا هو أعدل الأقوال في المسألة، في نقول عن شيخ الإسلام وابن القيم وابن رجب وجمع من أهل العلم تؤيد هذا، ولا نطيل في هذه المسألة؛ لأنها بحثت في مناسبات كثيرة.