للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس، ولما بلغه أن الناس ينتابون الشجرة التي بايع تحتها رسول الله أصحابه، أرسل فقطعها … ؛ لأن الناس كانوا يذهبون فيصلُّون تحتها، فخاف عليهم الفتنة.

فإذا كان هذا فعل عمر بالشجرة التي ذكرها الله في القرآن، وبايع تحتها الصحابةُ رسول الله فماذا حكمه فيما عداها (١).

وقال الإمام الشاطبي (ت: ٧٩٠ هـ):

وقد كان مالك يكره كل بدعة وإن كانت في خير.

وجميع هذا ذريعة لئلا يتخذ سُنَّة ما ليس بسُنَّة، أو يعد مشروعًا ما ليس معروفًا.

وقد كان مالك يكره المجيء إلى بيت المقدس؛ خيفة أن يتخذ ذلك سُنَّة، وكان يكره مجيء قبور الشهداء، ويكره مجيء قباء؛ خوفًا من ذلك، مع ما جاء في الآثار من الترغيب فيه، ولكن؛ لما خاف العلماء عاقبة ذلك؛ تركوه …

وسئل ابن كنانة عن الآثار التي تركوا بالمدينة، فقال: أثبت ما في ذلك عندنا قباء، إلا أن مالكًا كان يكره مجيئها، خوفًا من أن يتخذ سُنَّة.

فهذه أمور جائزة أو مندوب إليها، ولكنهم كرهوا فعلها خوفًا من البدعة؛ لأن اتخاذها سُنَّة إنما هو بأن يواظب الناس عليها مظهرين لها، وهذا شأن السُّنَّة، وإذا جرت مجرى السنن؛ صارت من البدع بلا شك (٢).

وقال ولي الله الدهلوي (ت: ١١٧٦ هـ):

كان أهل الجاهلية يقصدون مواضع معظمة بزعمهم يزورونها، ويتبركون بها، وفيه من التحريف والفساد ما لا يخفى.

فَسَدّ النبي الفساد لئلا يلتحق غير الشعائر بالشعائر، ولئلا يصير ذريعة لعبادة غير الله، والحق عندي أن القبر، ومحل عبادة ولي من أولياء الله،


(١) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان (١/ ٣٨٠).
(٢) الاعتصام، للشاطبي (١/ ٤٤٩ - ٤٥٠).

<<  <   >  >>